نقاش مع أدونيس حول طه حسين طريقة أخرى للتنوير «33»
مجلس الأمن يبحث تثبيت وقف إطلاق النار في غزة وضمان تدفق المساعدات الإنسانية بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الانخفاض مجلس الوزراء اللبناني طالب الدول الضامنة بالضغط باتجاه تطبيق اتفاق وقف الأعمال العدائية مع إسرائيل مجلس السيادة في السودان ينفي وجود مفاوضات مباشرة أو غير مباشرة بين الجيش وقوات الدعم السريع في واشنطن دولة الإمارات تدين مصادقة الكنيست الإسرائيلي على مشروعي قانونين لفرض السيادة على الضفة الغربية المحتلة نتنياهو يشيد بدور ترامب في التعاون مع الدول العربية للمساعدة في إطلاق سراح الرهائن الإسرائيليين من غزة أحياء وزير الخارجية القطري يؤكد ضرورة تضافر الجهود الإقليمية والدولية لضمان تطبيق اتفاق غزة بما يحقق السلام المستدام والاستقرار في المنطقة ألوية العمالقة في اليمن تعلن ضبط سفينة إيرانية محملة بأسلحة ومنتجات إيرانية كانت متجهة إلى الحوثيين قرب باب المندب وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر يقول إن الولايات المتحدة هي أعظم صديق لإسرائيل ويعبّر عن امتنانه لإدارة ترامب على دعمها المستمر زلزال بقوة 4.5 درجة يضرب جزيرة رودس اليونانية
أخر الأخبار

نقاش مع أدونيس حول طه حسين.. طريقة أخرى للتنوير «3-3»

نقاش مع أدونيس حول طه حسين.. طريقة أخرى للتنوير «3-3»

 العرب اليوم -

نقاش مع أدونيس حول طه حسين طريقة أخرى للتنوير «33»

بقلم - عمار علي حسن

عاد بى أدونيس، وهو الرجل الذكى الأريب يقظ الذهن رغم تخطيه التسعين من عمره، إلى ما قلته عن تيار اجتماعى يحمل الأفكار المحلقة فى الهواء، وقال: لكن الطرق الصوفية هى التى تمثل التيار الذى تتحدث عنه ضرورة أن يكون حاملًا الفكرة، فمن سيحمل صوفية بهذا العمق والنقاء كما تطرح؟ كان سؤالًا غاية فى العمق والدقة، أربكنى فى حقيقة الأمر، لكنى أجبته: ليس من المستحيل إصلاح الطرق الصوفية الموجودة حاليًا، وهناك بالفعل محاولات دائمة لكنها، ومن أسف، تبوء بالفشل، والأهم هو خلق تيار صوفى سائل، لا تنظيم له، عبر بث أفكار النسق الصوفى الخالص فى المجتمع، عبر التعليم والمؤسسات العاملة على إنتاج الخطاب الدينى، والإعلام، وقطعًا هناك دور كبير للمفكرين والأدباء والفنانين وعلماء الإنسانيات وبعض قادة الرأى.

كنت هنا أستند إلى دراستى عن الصوفية والعمل العام الذى جاء فى كتابى «التنشئة السياسية للطرق الصوفية فى مصر»، وتجارب أربع وأربعين شخصية صوفية كبرى تمثل جميع توجهات التصوف جمعتها فى كتابى «فرسان العشق الإلهى»، الذى صار يوزع بشكل جيد فى عقر دار السلفية أو الوهابية، وما حاولته فى كتابى «مقام الشوق» من البحث عن صوفية لا تقف عند حد التفكير فى السماء، إنما تنزل على الأرض لتسهم بقوة فى حض الناس على أن يقوم معاشهم على الأخلاق والروحانية، حيث الرحمة والعدل والاستقامة والحرية والكفاية، أى تكون صوفية بلا مشروع للسلطة السياسية.

هز أدونيس رأسه، وقال: هذا مسار طويل شاق، لكنه جدير بالنظر فيه. قلت له: الحقيقة أنا طرحت ما يدور فى رأسى على عقل كبير، وأعتقد أن هذا العقل، وأشرت إلى رأسه، لو تناول هذه المسألة فسيضيف إليها الكثير. ويمكن هنا أن نستند إلى ما ورد فى كتابك المهم «الصوفية والسوريالية»، فأنت تدرك فيه أن الصوفية هى نظرة إلى اللامتناهى، وأنها تقف عند جزئية الأشياء، ثم يزعم المتصوفة أنهم يطرحون جوابًا عن كلية الأشياء، وأن العقل والمنطق هو من يملك الجواب، لأنهما يتناولان الوجود باعتباره مشكلة لابد من حلها، بينما ترى الصوفية أن الوجود سر، وأن السبيل هو الاتحاد مع هذا السر، لأن فى الوجود ما لا يمكن أن نعرفه عقليًا أو منطقيًا إنما نتواصل معه، ونتوحد به، عبر المحبة. وترى أن العقل يحدد، وتحديد الشىء ينفيه، وحين نحدد الله ننفيه، لأننا نساويه بالأشياء المحدودة.

وواصلت: يمكن البحث عن صيغة عملية لا تجعل التصوف فى مقابل العقل، فلكلٍّ مجاله، وسبق لطه حسين أن ميز بين مجال الدين، ومجال العلم، فى كتابه «من بعيد»، وما نريده من التصوف هنا هو أن يلبى حاجة الناس إلى الدين، فإن طلبوه، وهم لن يكفوا عن طلبه فى المجتمعات الشرقية، وجدوا تصورًا يختلف عن السلفية بشقيها المحافظ والمنفتح، ووقتها سيكون أمامهم تصور روحى وأخلاقى وخيرى، يحرر الإنسان من سلطان المؤسسة الدينية، ومن ادعاء الوسطاء الذين يقفون بين العبد وربه، بزعم أنهم يعرفون الله أكثر، ويحددون الطريق إليه. هنا يكون التصوف الفردى بديلًا لمشروع ما يسمى «الإسلام السياسى» الذى يعمل طوال الوقت على ملء أى فراغ يصنعه الطلب على الدين بين الناس فى مجتمعنا، وله فى هذا خطاب ظاهر، وله طرق وحيل لا تتوقف، وترفع فصائل منه السلاح فى سبيل تحقيق أهدافها.

قال أدونيس: أليس فى طرحك هذا تلفيق آخر؟ أجبته: الطبيعة البشرية تجعل الطلب على العلم والدين قائمين فى نفس الإنسان، فالأول يخلقه العقل، والثانى تخلقه الروح، وعلينا أن نجتهد فى إيجاد صيغة تجعل الاثنين يتواشجان ويتضافران ويعملان معًا فى داخل النفس، ولا يدخلان فى صراع أو تضاد بالضرورة، كما يعتقد البعض، وهذه الصيغة ليست مستحيلة، خاصة أن مسار المسلمين مختلف إلى حد كبير، فالكنيسة عادت العلم فى القرون الوسطى بينما نجد أن بعض علماء الطبيعيات المسلمين كانوا فى الوقت نفسه فقهاء، نعم لم يسلم العلم من محاربة من قبل البعض، وتم اضطهاد علماء، لكن ذلك قليل إن قورن بآخرين.

قال أدونيس: لكننا فى القرون الأخيرة صار لدينا خطاب دينى أغلبه ينفر من العلم بل ويحارب العقل نفسه، وبذا نكون أمام معضلة كبرى. قلت له: هذا صحيح بالطبع، لكن فى كتابك «الصوفية والسوريالية»، يكمن بعض الحل، فأنت تضع إطارًا فلسفيًا لهذه المعضلة، يمكن البناء عليه، لصياغه نسق أو إطار عملى، قابل للتطبيق فى دنيا الناس.

صمت أدونيس برهة، ثم عاد يقول لى: ما رأيك لو أقمنا حوارًا معمقًا حول هذه الفكرة برمتها، ثم نشرنا الحوار فى كتاب. قلت له: لا مانع لدىَّ. قال: فى الحوار ربما نعمق هذه الرؤية ونضيف إليها، أو نرد عليها، فقد نجدها هى الأخرى قاصرة. قلت: ربما، نحن نحاول ونجتهد، وكل تفكير بشرى نسبى، المهم أن نقترب، ولو قليلًا، مما يخرجنا من هذا النفق، إلى براح تنوير حقيقى، وليس مجرد استعارة شائهة أو إعادة طلاء القديم، أو إدارة ظهرنا تمامًا للتراث، ويمكن هنا أن نستعين برؤية طه حسين الذى كان يرى أن القديم جديد مادام نافعًا.

أنهى أدونيس الحوار، وكان قد فرغ من طعامه، قائلًا: سأزور مصر قريبًا ونلتقى لنكمل النقاش، بما يمهد لهذا الكتاب الحوارى، الذى أظنه يفتح أفقًا مغايرًا، يمكن البناء عليه مستقبلًا. قلت له: أنا فى الانتظار، وبراعتك فى الحوار، التى لمستها فى كل ما استمعت إليه منك فى لقاءاتك المتلفزة، سيكون لها الدور الأكبر فى صناعة هذا الكتاب المنتظر.

حين انتقل أدونيس بعد ساعات إلى ساحة المعرض ليلقى محاضرته، جلست أنصت إليه، فوجدته يتحدث باقتدار وجلاء عن واجب البحث عن طريق مختلفة، لا تقف عند حد طه حسين، وتتعامل مع ما أنتجه باعتباره يحمل كل الإجابات على أسئلة زماننا، إنما تتجاوزه إلى صناعة حداثة عربية أكثر قدرة على إقناع الناس فى مجتمعاتنا التى تعانى من خصام مصطنع بين الروح والعقل.

وقتها أدركت أن هذا الشاعر الكبير والمفكر العميق، الذى أثر فى أجيال عربية حاضرة، فى الشعر والفكر، يمكنه أن يعمل عقله المقتدر، ويفكر فى صيغة لحداثة غير مجهضة أو متعثرة.

arabstoday

GMT 07:46 2025 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

مجدى يعقوب .. بين قلوب الصغار وأبواب الرحمة

GMT 05:42 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

خمسون سنة ألقاً

GMT 05:22 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

تأثير العقوبات على روسيا بين أخذٍ وردّ!

GMT 05:21 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

استنساخ الماضي يخدشه ويؤذي الحاضر

GMT 05:19 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

نساء السودان... ضحايا وحشية الحرب

GMT 05:13 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

التراث الأثري نعمة أم نقمة!

GMT 05:08 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

«اللوفر» وانتهاك هيبة فرنسا

GMT 05:06 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

من الصمود إلى الجدارة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

نقاش مع أدونيس حول طه حسين طريقة أخرى للتنوير «33» نقاش مع أدونيس حول طه حسين طريقة أخرى للتنوير «33»



يسرا تتوّج "ملكة الأناقة" في مهرجان الجونة

الجونة ـ العرب اليوم

GMT 20:40 2025 السبت ,25 تشرين الأول / أكتوبر

فريق مصري يدخل غزة للمساعدة في انتشال جثث الرهائن
 العرب اليوم - فريق مصري يدخل غزة للمساعدة في انتشال جثث الرهائن

GMT 11:15 2025 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

5 أطعمة يجب تجنبها عند تناول أدوية لضغط الدم

GMT 13:40 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

الملك تشارلز والبابا ليو أول صلاة مشتركة منذ خمسة قرون

GMT 20:28 2025 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

منة شلبي تعلن رسميًا زواجها بعد جدل الوثيقة المسربة

GMT 07:46 2025 الجمعة ,24 تشرين الأول / أكتوبر

مجدى يعقوب .. بين قلوب الصغار وأبواب الرحمة

GMT 23:20 2025 الأربعاء ,22 تشرين الأول / أكتوبر

واشنطن وتل أبيب تبحثان خطة لتقسيم غزة بين إسرائيل وحماس

GMT 17:49 2025 الخميس ,23 تشرين الأول / أكتوبر

بوتين يتوعد برد جاد وساحق على أي استهداف لروسيا في عمقها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab