بقلم:د. وحيد عبدالمجيد
لم تفلح محاولات عدة لبناء حزب ثالث يستطيع منافسة الحزبين الديمقراطى والجمهورى فى الولايات المتحدة. فشلت الأحزاب التى سعت إلى كسر هيمنة الحزبين على الساحة السياسية.
ولذا أثار إعلان ملياردير الثورة الرقمية إيلون ماسك عزمه تأسيس حزب سماه «أمريكا» سؤالاً عن جدوى هذه المحاولة الجديدة. ليس واضحًا بعد هل سيمضى ماسك بالفعل فى تأسيس هذا الحزب وتقديم الأوراق المطلوبة إلى هيئة الانتخابات الفيدرالية لتسجيله رسميًا، أم سيتراجع ويكتفى بما يمكن أن نعتبرها مشاغبات سياسية.
وإذا افترضنا جدية ماسك فى تأسيس حزب جديد، فهل يتمكن من تحقيق ما فشل فيه من سبقوه إلى محاولات مماثلة؟ تاريخ الحزب الثالث فى أمريكا لا يقدم جوابًا بالإيجاب. ومع ذلك ربما يكون لدى ماسك ما افتقده سابقوه فى مجال تأسيس حزب ثالث. فهو معروف أكثر من كل الذين سبقوه. وتمنحه منصة «إكس X» حضورًا قويًا لم يتوافر مثله لمن أسسوا أحزابًا ثالثة من قبل. كما أن ثروة ماسك الهائلة ربما تُمكنَّه من توفير النفقات اللازمة للمرحلة الأولى فى تأسيس الحزب إلى أن تثبت جديته ويقتنع آخرون بتقديم تبرعات لمرشحيه.
ولكن يتوقف ذلك على مدى استعداد ماسك لتخصيص مبالغ طائلة للإنفاق على عملية تأسيس الحزب، وربما أكثر منها إذا نجح فى تسجيله رسميًا وقرر دفع عدد من المرشحين فى انتخابات منتصف المدة التى ستُجرى فى نوفمبر 2026. فالسياسة فى أمريكا تعنى المال قبل أى شىء آخر. صحيح أن المال يلعب دورًا مهمًا فى السياسة فى كثير من الدول الأخرى. ولكن هذا الدور فى الولايات المتحدة يفوق غيرها.
وأيًا ما كان الأمر فإذا أخذ ماسك مسألة الحزب بجدية ربما يستطيع التأثير جزئيًا فى مسار السياسة الأمريكية فى حالة نجاحه فى توصيل عدد صغير من أعضاء هذا الحزب إلى مجلسى الكونجرس فى انتخابات 2026. فالانقسام الحاد فى السياسة الأمريكية قد يتيح لعضوين فقط فى مجلس الشيوخ وبضعة أعضاء فى مجلس النواب أن يكونوا رمانة الميزان فى الاقتراع على أى مشروع قانون.