الحرب عند التقاء الأجندات

الحرب عند التقاء الأجندات

الحرب عند التقاء الأجندات

 العرب اليوم -

الحرب عند التقاء الأجندات

عريب الرنتاوي

وحدها "المعجزة"، في زمن عزّت فيه المعجزات، يمكن أن تحول دون تعرض سوريا لضربات عسكرية مؤلمة من الغرب بقيادة الولايات المتحدة ... المناخات التي تعيشها العواصم ذات الصلة، مشبعة برائحة البارود والنار ... والعملية العسكرية القادمة، وفقاً لـ"سيناريو كوسوفو"، لا ينقصها سوى "الإخراج المسرحي" الذي يجري الإعداد له الآن، بسرعة وكثافة. حتى الاتصال الهاتفي الفريد بين جون كيري ونظيره السوري وليد المعلم، بدا أقرب إلى اجتماع جنيف بين طارق عزيز وجيمس بيكر عشية "عاصفة الصحراء" في العام 1991، وأحسب أنه يندرج في سياق "بناء السيناريو" وليس في سياق البحث عن حلول ومخارج سياسية من استعصاء الأزمة السورية. وثمة ما يشي بأن قدراً واسعاً من التقاء الأجندات الإقليمية والدولية قد تحقق بعد "كيماوي الغوطة" ... واشنطن باتت تحت ضغط شديد للخروج عن حذرها وترددها، مدفوعة بالحرص على ما تبقى من دورها وهيبتها كقوة عظمى، فيما بقية "أعضاء الكورَس" الأوروبي والعربي والإقليمي، ما زالوا يقفون في "الطابور" بانتظار شارة البدء وساعة الصفر الأمريكية. وفي التفاصيل، أن الإدارة التي تعهد رئيسها بألا تطأ أقدام جندي أمريكي واحد أرض سوريا، تميل إلى إعادة انتاج "سيناريو كوسوفو"، حين شنت واشنطن عمليات قصف جوي وصاروخي دامت لـ 79 يوماً، أمكن بعدها وضع الدولة البلقانية الصغيرة على سكة الاستقلال عن صريبا، وانضمامها إلى "أرخبيل الدول" التي كانت ذات يوم، تشكل يوغوسلافيا السابقة. مثل هذا السيناريو في حال اعتماده، لا يهدف كما تؤكد تشي مصادر واشنطن إلى "تغيير النظام" في سوريا، بل إلى إضعافه بدرجة شديدة، وربما من ضمن "سيناريو استعادة التوازن" على الأرض، كما ظلت إدارة أوباما تردد خلال الأشهر الثلاثة الفائتة، وتحديداً منذ سقوط مدينة القصير في قبضة النظام وحليفه حزب الله ... لقد فشلت محاولات المعارضة / المعارضات المسلحة، وداعميها الإقليميين والخليجيين، في استعادة هذا التوازن" رغم المهلة" الزمنية التي مُنِحت لهم، وقد آن الأوان على ما يبدو، لأن تقوم الولايات المتحدة بهذا الدور نيابة عن المعارضة وشركاء أمريكا في المنطقة. عند هذه النقطة بالذات، تلتقي الأجندة الأمريكية مع أجندات عربية وإقليمية، كان لها دورها في دفع الولايات المتحدة لتبني خيار "استعادة التوازن" قبل الولوج إلى غرف التفاوض في "جنيف 2" ... وفي حال أقدمت المدمرات والطائرات الأمريكية على فتح نيران جهنم على مراكز قيادة النظام وسيطرته وتحكمه وترسانته العسكرية وقطعاته الرئيسة، فسيكون الباب قد فُتح امام المعارضات المسلحة على الأرض، وداعميها العرب والإقليميين لتحقيق هدفين ميدانيين رئيسين: الأول، إحكام السيطرة على درعا وريفها جنوب سوريا، وإعلانها منطقة آمنة مدعومة بغلاف من "حظر الطيران" ... والثاني: اقتحام مدينة حلب وإعلانها عاصمة مؤقتة للمعارضة السورية وحكومتها المؤقتة، حيث يمكن بعد ذلك، وفقاً لأكثر السيناريوهات تفاؤلاً، أن يصار للشروع في مفاوضات بين "متكافئين" ... أما في وفق ما يفترضه أكثر السيناريوهات سوءاً، فأن من المحتمل أن تشتد الحروب والمعارك والفوضى الشاملة، وتعم مختلف المناطق السورية، التي قد تتحول بدورها إلى ساحة لحروب مركّبة: أكراد ضد القاعدة، القاعدة ضد الجيش الحر، الجميع ضد النظام، حروب المذاهب والطوائف والمليشيات، حروب الوكالة التي ستشنها دول عربية وإقليمية نافذة، وحاضرة بقوة على الساحة الداخلية السورية. إضعاف النظام المركزي في سوريا، أو حتى إسقاطه، لن يفضي إلى انتقال سياسي لسوريا، هذا أقل السيناريوهات احتمالات، فيما السيناريو المرجح، يفترض "انمحاء" الحدود الوطنية للصراع الدائر في سوريا، وتحوّله إلى صراع إقليمي مفتوح، ميدانه سيمتد من العراق إلى لبنان، حيث سيشجع غياب الدولة والنظام، بكل ما لهما من حسابات واعتبارات، على توسيع التدخلات الخارجية من دون تحفظ أو حذر أو تحسّب ... أقله بذريعة أو تحت شعار محاربة القاعدة وتفريعاتها، التي تُعد الذراع الضاربة والقوة الطليعية المنظمة من بين جميع المعارضات المسلحة، بما فيها الجيش السوري الحر ومجلسه العسكري. سوريا، أو بالأحرى، المشرق العربي و"هلاله الذي كان خصيباً ذات يوم"، ينجرف نحو قعر هاوية عميقة، لن يحول دونها من جديد، سوى وحد من أمرين: الأول، توافق روسي أمريكي على إدارة المرحلة المقبلة في سوريا، أو نجاح دمشق وحلفائها، في البرهنة جدياً وبشكل لا يقبل الدحض والنقض، على براءة النظام من جريمة الغوطة، واستعداده لإبداء أقصى درجات التعاون مع متطلبات الحل السياسي وشروطه، وهذا احتمال تتضاءل فرصه يوما بعد يوم ... أما الثاني، فيتجلى في قيام حلفاء النظام في دمشق، من إقليميين ودوليين، بإيصال رسالة قاطعة في وضوحها، بأن دمشق خط أحمر، وأن قواعد اللعبة ستنقلب رأساً على عقب إن تم اجتيازه، وهذا احتمال ضعيف أيضاً، فروسيا ليست بصدد توسيع هوامش المواجهة مع الولايات المتحدة، ونقلها من الميدان الدبلوماسي إلى الجبهات العسكرية، فيما إيران ما بعد أحمد نجاد، تبدو منقسمة أكثر على نفسها، ومن قراء التباينات في ردود أفعال القادة الإيرانيين، يدرك أن ثمة حدود لما يمكن لإيران أن تفعله، وكذا حزب الله المطوّق بالحزام المذهبي والسيارات المفخخة وحروب الإلغاء.

arabstoday

GMT 00:44 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

القصور تكتظ بهنَّ

GMT 00:41 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

طمأنينة الحج وفسوق السياسة

GMT 00:36 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

أحلام كسرى وفلتات الوعي

GMT 00:32 2024 الأحد ,16 حزيران / يونيو

مأساة السودان وثقافة إنكار النزاع الأهلي

GMT 23:18 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

سهرة في متحف الشمع

GMT 23:16 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

اللعب بالنار على الطريقة الفرنسية

GMT 23:13 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

لا حل آخر في الخرطوم

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الحرب عند التقاء الأجندات الحرب عند التقاء الأجندات



الأميرة رجوة بإطلالة ساحرة في احتفالات اليوبيل الفضي لتولي الملك عبدالله الحكم

عمان ـ العرب اليوم

GMT 18:08 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

حزب الله يدخل أسلحة جديدة في معركته ضد إسرائيل

GMT 23:54 2024 الجمعة ,14 حزيران / يونيو

آسر ياسين يكشف تفاصيل أعماله الجديدة

GMT 02:34 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

انتهاء ظاهرة النينيو المناخية بشكل رسمي

GMT 02:59 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

استهداف 3 منازل في غزة وسقوط شهداء بينهم أطفال

GMT 11:16 2024 السبت ,15 حزيران / يونيو

وفاة السيناريست السوري فؤاد حميرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab