بقلم : أسامة غريب
لم تعد إسرائيل تريد الصلح مع العرب أو تحتاجه، فكل ما يوفره السلام والصلح تحصل عليه من العرب بدون علاقات رسمية. وقد لاحظنا كيف علّق بتسائيل سموتريتش على اشتراط المملكة السعودية حصول الفلسطينيين على دولة أو طريق واضح لذلك، قبل الموافقة على التطبيع..علق الوزير الإسرائيلى بالقول: لا نريد علاقات مع المملكة وليستمروا فى ركوب الجِمال. هذه ليست شطحة متطرفة من إرهابى صفيق، لكنها تعبر عن التيار الغالب داخل الكيان الذى نظر حوله فوجد دول العالم تتعامل معه بشكل طبيعى رغم كل ما أحدثه من دمار وتخريب فى عدة دول قام بمهاجمتها وقصفها وألقى عليها حممه النارية دون رحمة. لم تؤثر كل هذه الوحشية فى موقف دول العالم من التعاون معه، وأنا هنا لا أتحدث عن الرأى العام الذى تزحزح بفعل الدماء التى تسيل بلا ثمن منذ عامين، ولا أتحدث عن تغير الموجة بعض الشىء بين الإعلاميين وكذلك بعض الساسة فى أوروبا الغربية. إسرائيل تعلم أن مساندتهم النظرية وتأييدهم الشفهى لقيام دولة فلسطينية هو كاموفلاج الغرض منه مساعدة إسرائيل على امتصاص الغضب الشعبى فى معظم بلاد العالم ضدها، لكن المواقف الحقيقية لبريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا من الأطماع الإسرائيلية هو نفسه لم يتغير.
ينظر مجرمو الحرب فى الكيان العدوانى إلى خريطة العالم فيجدون الدول المؤيدة للحق العربى بشكل حقيقى قد انحسرت بشدة ولم تعد تتعدى إيران وفنزويلا وجنوب أفريقيا ونصف اليمن!.
تنظر إسرائيل فتجد أن الدول العربية التى تعارض تهجير الفلسطينيين بشكل حقيقى تعد على أصابع اليد الواحدة، وفى المقدمة مصر!.. لهذا لا تشعر دولة العدو بأنها فى حاجة إلى صلح أو سلام مع دول تتعاون بدون اتفاقات. على سبيل المثال فإن أحمد الشرع أو الجولانى قام بخمس جولات من المحادثات مع إسرائيل وافق خلالها على كل طلبات نتنياهو بل وأعلن بعلو الصوت أن أعداء إسرائيل هم أعداؤه هو أيضًا، وكان الرجل صادقًا فى كلامه وأثبت لهم ولاءه بأكثر من طريقة، وهم على أى حال لا يحتاجون إلى إثبات، فهم يدركون أن الوهابيين الجهاديين الذين يقودهم الجولانى من أتباع ابن تنمية يؤمنون بأن إيران هى العدو الأكبر، أما إسرائيل فهى فى أسوأ الأحوال عدو ثانوى يجوز التحالف معه لقتال العدو الأساسى!.
أما فى لبنان فإن رئيس الحكومة نواف سلام يطلق تصريحات يومية تدعو الإسرائيليين إلى التفاوض، ومثله الرئيس جوزيف عون الذى يعلن دائمًا أن الرد على العدوان اليومى على لبنان لا يكون إلا بالطرق الدبلوماسية، هذا على الرغم من أنه لم يتقدم حتى بشكوى إلى مجلس الأمن بعد قيام الطائرات الإسرائيلية بقصف بيروت يوم الأحد الماضى، وقام جميع السياسيين فى لبنان بالحديث عن قصف الضاحية (لا يريدون أن يقولوا قصف بيروت) وكأن هذه الضاحية من ضواحى لاس فيجاس!.
لكل ما سبق فإن إسرائيل لا تريد حقًا اتفاقات تقيد طموحها فى الملعب العربى طالما أن لاعبى الخصم تركوا المرمى مفتوحًا!.