بقلم : أسامة غريب
تتباين ردود أفعال الفنانين تجاه التقدم فى العمر وتراجع الطلب وانحسار الأضواء. بعضهم يتمسك بأدوار البطولة حتى النهاية وينجح بشخصيته وقدراته فى أن يقنع الجمهور والمنتجين بجدارته بملء الشاشة وكتابة أفلام بمساحة كبيرة له، وبعضهم الآخر يحاول ويفشل فيضطر للاحتجاب أو يقنع بأدوار ثانوية تضمن له التواجد ولقمة العيش.
من النوع الأول يبرز فريد شوقى وكمال الشناوى وعادل أدهم، وكل منهم ظل بطلًا ورفض أن ينحدر ويقبل الفتات، وسار على دربهم عادل إمام فبقى بالصف الأول حتى الآن.
أما النوع الثانى فينقسم إلى صنفين: واحد اتسم بالواقعية فقبل أصحابه بأداء أى أدوار مهما صغرت من أجل البقاء، ومثال على هذا عماد حمدى ومريم فخر الدين وصلاح ذوالفقار ومحسن سرحان، وقد تربع كل منهم على العرش فيما مضى لسنوات طويلة، لكنهم خضعوا لمنطق السوق ولم يملكوا الشخصية والإرادة التى تسمح بالبقاء وفق شروطهم. أما الصنف الثانى من هذا النوع فهو الذى آثر الانسحاب عندما أيقن أن الموج عال وأن دوام الحال من المحال.. هذا النوع مثلته هند رستم وماجدة ونادية لطفى ونجلاء فتحى وأحمد رمزى وحسن يوسف. أما فاتن حمامة فلأنها سيدة الشاشة فلم يكن ممكنًا أن تتنازل وتقبل الوجود الباهت، ولكنها رغم ذلك لم تستطع أن تجد طول الوقت سيناريوهات صالحة ومنتجين يقدمونها فى مواجهة الوجوه الشابة.. لكن يظل أنها الفنانة العربية الوحيدة التى قامت ببطولة أفلام سينمائية وهى فوق الستين عندما قدمت «يوم مر يوم حلو» ثم «أرض الأحلام» كما قدمت آخر مسلسلاتها «وجه القمر» وهى فوق السبعين، بينما انسحبت ليلى مراد ونادية لطفى وهند رستم ونجلاء فتحى وكل منهم دون الأربعين!.
لكن يلاحظ بالنسبة لفاتن حمامة أنها اشتركت مع هند رستم فى كون كل منهما قد اقترنت بطبيب مشهور مليونير كفل لها الحماية من غوائل الزمن وضمن الحياة المرفهة التى اعتادتها، ولعل الأمر يتضمن ما هو أكثر من مصادفة عندما نعرف أن لبنى عبدالعزيز اعتزلت الفن للزواج بطبيب شهير هى الأخرى ومثلها فعلت الفنانة المعتزلة إيمان!.
صحيح أننا عرفنا فنانات عديدات تزوجن من رجال أعمال طمعاً فى الثروة وتنازلن عن الشهرة والأضواء لمَن رمى بياضه ورسا عليه العطا، لكن هذه الزيجات كانت مؤقتة، وعرف طرفاها منذ البداية أن الأمر لن يطول.. هو حتى يمل وهى حتى تهبر!. لكن الفنانات اللاتى تزوجن من أطباء وعلى رأسهن العظيمة فاتن كن يبحثن عن زواج حقيقى يعيش ويدوم ويُنتج محبة وسكينة، ولهذا فإن زواجها بالدكتور محمد عبدالوهاب دام أربعين سنة، ومثلها هند رستم ولبنى عبدالعزيز.. فما حكاية الطب هذه وما الذى يجعل من الزواج بطبيب زواجاً حقيقياً على عكس الزواج الوهمى برجل أعمال مغامر؟ لعل الإجابة تكمن فى طبيعة عمل الطبيب التى تقتضى المذاكرة والبحث والاجتهاد والعمل الدؤوب، وهذا بطبيعة الحال يستلزم الاستقرار والأمان، على العكس من رجال الأعمال السفلية الذين اعتادوا أن يخطفوا ويجروا.. فى البزنس وفى النساء!.