عبده ونواياه الخفيّة

عبده ونواياه الخفيّة!

عبده ونواياه الخفيّة!

 العرب اليوم -

عبده ونواياه الخفيّة

بقلم : أسامة غريب

فى بدايات القرن العشرين، انتشرت الملاهى الليلية والبارات بالقاهرة والإسكندرية وعواصم المحافظات. تم فتح هذه الأماكن بالأساس من أجل تسلية جنود الاحتلال، ثم انتفع بها طبقة التجار الموسرين ومُلاك الأراضى الزراعية بالريف، الذين كان الواحد منهم يبيع محصول القطن ثم يشد الرحال إلى القاهرة ليسهر فى صالات روض الفرج وكباريهات عماد الدين حتى تفنى نقوده.

كان الغناء فى تلك الفترة شديد البدائية والرثاثة، يخاطب الغرائز الدنيا للمستمعين، الذين كانوا فى غالبيتهم محدودى الوعى والتعليم، وكانت الأغانى مصحوبة دائمًا بالرقص، الذى كانت تمارسه المغنية نفسها أو بمصاحبة راقصة سمينة!. ومن أمثلة أغنيات تلك الفترة واحدة تقول كلماتها: الخلاعة والدلاعة مذهبى.. من زمان أهوى صفاها والنبي!. ومن الغريب أنها لسيدة الغناء العربى أم كلثوم، التى خضعت لأحكام ذلك الزمان وشاركت فى الغناء المُسف! كذلك عبد الوهاب، الذى شارك فى الغناء الهابط ببعض الألحان، أشهرها: فيك عشرة كوتشينة فى البلكونة!

غير أن الأغنية التى اكتسحت ما عداها فى تلك الفترة، وكانت أيقونة الكباريهات، هى أغنية: لأ والنبى يا عبده، التى حققت شهرة مدوية، حتى إن عشرات المطربات قد تغنين بها، وتبارين فى إظهار الرقاعة اللامتناهية فى أداء الأغنية. تقول الست المطربة وهى تتمايل: لأ والنبى يا عبده.. وتُكرر الجملة أكثر من مرة، فلا نفهم ماذا تقصد بالتحديد، وعلامَ تعترض بالضبط فى سلوك الأخ عبده؟ هل كان يضربها مثلًا وهى ترجوه أن يكف؟ هل كان يتحرش بها وهى تستعطفه ليتوقف؟.. لا ندرى. ثم تكمل الست غنوتها، فنُفاجأ بها تمتدح عبده قائلة: سوق الحلاوة جبر.. وانت مافيش منك يا عبده. من هنا نفهم أنها ليست غاضبة منه بشكل حقيقى، وإنما هى تتدلل بهدف إغرائه، ويتضح هذا خاصة حين تقول: طلعت فوق السطوح أنده على طيرى يا عبده، وهى دعوة واضحة ليتبعها عبده فوق السطوح. ثم تطمئنه بأن أحدًا لا يستطيع لومه لو أنه اتجه نحوها بكليته، فتنشد قائلة: الرِجل تدب يا عبده.. مطرح ما تحب يا عبده. ثم لا تلبث أن تبثه حبها وهيامها قائلة فى لوعة: القلب داب والنبى.. ومافيش وصال منك يا عبده.

غير أن الجزء الصادم فى الأغنية هو ما فاجأتنا به الست المطربة، دون أن تقصد، فى الكوبليه الذى يقول: بينى وبينك كلام.. وإيش وصّله لأمك يا عبده؟. هنا نفهم منها طبيعة الأستاذ عبده، الذى يتضح لنا أنه رجل خرونج، إذ بعد أن عاش قصة الحب بكل مفرداتها مع المحبوبة، إذا به بكل نذالة يثبت أنه عيّل وتافه وابن أمه، عندما يحكى للوالدة عن كل شيء ويفضح الحبيبة، التى تعجز عن فعل شيء إلا أن تعاتبه فى الغنوة على ما فعل.. تعاتبه وهى ترقص، ولا تتوقف أبدًا عن مناشدته فى غموض.

arabstoday

GMT 17:22 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

وهل كنا نعيش في المدينة الفاضلة؟!

GMT 17:21 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حكاياتي مع السيجارة

GMT 15:26 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

ترامب في الجامع.. رسالة التسامح والسلام

GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

مِن رَوَائِعِ أَبِي الطَّيِّب (50)

GMT 15:20 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

إنقاذ سوريا

GMT 10:33 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

آخر اختبار لأخلاق العالم

GMT 03:11 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حياة عادية

GMT 03:09 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

ياسمين حسان ياسين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عبده ونواياه الخفيّة عبده ونواياه الخفيّة



النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:11 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

أحمد سعد يعلّق على نجاح حفله في أستراليا
 العرب اليوم - أحمد سعد يعلّق على نجاح حفله في أستراليا

GMT 02:41 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

هذه القصة المُحزنة

GMT 00:26 2025 الإثنين ,19 أيار / مايو

غوتيريش يطالب بوقف إطلاق نار دائم في غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab