بقلم : أسامة غريب
قام رئيس الوزراء الإسرائيلى بجولة تفقدية فى الجنوب السورى تفقد خلالها الأراضى التى احتلها مؤخرا. اصطحب نتنياهو معه طاقمًا كبيرا من القادة ثم أصدر فى نهاية الزيارة تصريحات شديدة الوقاحة فى حق سوريا والسوريين. لم يسكت الجولانى لكن أصدر بيان شجب لما فعله الإسرائيليون، وبالتالى عرف العالم كله أن احتلال مزيد من الأراضى السورية لن ينتج عنه سوى بيان رقيق من رجل قدم كل التنازلات الممكنة للعدو وساق الوسطاء على نتنياهو حتى يوقع اتفاق سلام معه يمنحه بمقتضاه هضبة الجولان حلالا بلالا، غير أن مجرم الحرب أبى وتمنّع ونظر للجولانى شزرا ولم يوافق!.
كانت إسرائيل فى السابق تحلم باتفاقات سلام وعلاقات طبيعية مع الدول العربية، لكن الهزائم والتنازلات المجانية أوصلتنا إلى أن حاكم سوريا الذى عيّنه الأمريكان والإسرائيليون وبعض العرب لا يعرف ماذا يقدم ليرضى نتنياهو فيسمح له بأن يحكم بالوكالة عنه بعض ما كان يسمى سوريا!. طبعًا يتعلل المجاهد أو الإرهابى السابق بأنه لا يملك جيشًا يستطيع التصدى للعدوان الإسرائيلى، ويتجاهل أنه سمح للعدو بتدمير كل إمكانات سوريا العسكرية والصناعية والعلمية بمنتهى الرضا والتعاون بدعوى أنها تخص بشار الأسد!.
العجيب أننا بصراحة شديدة فشلنا فى فهم التنظيمات التى رفعت راية الجهاد فى عالمنا العربى وكلها تنتمى للإسلام السلفى أو الوهابى ومنها تنظيم القاعدة وتنظيم داعش والنصرة وتحرير الشام.. كل هذه التنظيمات نشأت لهدف واحد هو قتال المسلمين بكل أطيافهم التى تختلف عن أصحاب الإسلام الوهابى. لم تنشأ التنظيمات التى تربى فى حضنها الجولانى بهدف قتال إسرائيل أو تحرير القدس لا سمح الله، وإنما كانت أهدافهم التى باركها الشيوخ هى محاربة المسلم الكردى والمسلم الدرزى والمسلم العلوى والمسلم الشيعى.
لقد قدّم لهم الموساد وقدمت لهم المخابرات البريطانية عدوا غير إسرائيلى وغير غربى هو العدو العربى والمسلم، وقد تلقف شيوخ الوهابية الذين ملأوا كروشهم بالمال النفطى التكليف ولم يتأخروا عن صك الفتاوى اليومية التى نجحت ليس فقط فى تحميس الشباب العربى التائه، وإنما فى استقطاب شباب من آسيا الوسطى متعطشين إلى الإسلام، وقد ظنوا أن قتال غير الوهابى هو جهاد يثاب صاحبه.
وربما تكمن صعوبة أن يتحلى حاكم سوريا بشىء من الكرامة والكبرياء ويتوقف عن تصعير خده للأعداء وتسول صداقتهم فى أن الشيوخ مازالوا يبررون له كل موقف خسيس يتخذه، ويصورون تخاذله مع ترامب ونتنياهو مقابل وحشيته مع جانب من أبناء شعبه على أنه فطنة المؤمن الذى ينحنى للريح، وهو فى الحقيقة لا ينحنى للريحن وإنما ينحنى لجنود العدو الذين يضعون أحذيتهم فوق كل ما هو عزيز وغالٍ من سوريا الشقيقة. والبادى أن الرجل الذى انخرط فى الإرهاب منذ حداثة سنه لم يجد الوقت ليحصل على قسط من التعليم يفهمه أن مصر، رغم مشاكلها، هى أكثر الدول العربية تطورا، على العكس مما صور له جهله ورغبته فى نهش الأغنياء العرب الذين يجاملهم بالمجان!.