بقلم : أسامة غريب
كان المستشار الألمانى صريحًا إلى أقصى درجة حين صرح بأن إسرائيل تقوم بالمهمة القذرة نيابة عن العالم الغربى. كانوا فى السابق يقولون إن إسرائيل تخوض حروبًا مشروعة لها أهداف نبيلة ضد قوى الشر من البلاد الديكتاتورية التى تقمع شعوبها ولا تريد سوى إلقاء إسرائيل فى البحر. لكن يبدو أن الزعماء القريبين من ترامب أصبحوا يقلدونه فى الاستهانة بالأعراف الدولية واستسهال الحديث الصادم الوقح وهم موقنون بعدم وجود تبعات بعد أن أصبح ترامب بكل نزقه وشعبويته مثالًا يحتذى!.
نفس الاصطفاف مع إسرائيل الذى حدث بعد ٧ أكتوبر ٢٠٢٣ يتكرر الآن على الرغم من أن إسرائيل هى الطرف الذى لا يوجد لبس أو غموض فى اعتدائه على إيران بدون سبب مشروع. حالة من السعار تنتاب القادة الغربيين لمجرد شعورهم بأن إيران تمتلك قدرات ردعية زلزلت المدن الإسرائيلية. إن من يتابع الحرب الدائرة الآن يهوله أن الطرف المعتدى فيها يتلقى مساعدات عسكرية من أكبر وأقوى الدول المتقدمة فى العالم، بينما الطرف المعتدى عليه لا يحصل على مساعدة عسكرية من أى مكان ويعتمد على نفسه تمامًا فى مواجهة حلف الأطلنطى بكامله. وأما بخصوص الأخبار المتناثرة على وسائل التواصل عن شحنة صواريخ باكستانية وطائرات شحن صينية فهى أضغاث أحلام، فلا باكستان تجرؤ على تقديم دعم عسكرى لإيران ولا الصين تريد إغضاب ترامب.. وأما اللقاء الذى سيجمع بين ترامب مع قائد الجيش الباكستانى فلا غرض منه سوى تسليم رسالة تخويف بأن النأى عن الصراع هو الأفضل لباكستان. يتبقى أن الرئيس الروسى بوتين هو الأوضح فى موقفه من إيران دون غموض عندما قال إن عقد الشراكة مع إيران لا يتضمن مساعدتها دفاعيًا، وهذا التصريح فى حقيقته موجه إلى ترامب حتى لا يظن والعياذ بالله أن روسيا قد تساعد طرفًا يحارب إسرائيل!، لقد ولت من زمان الأيام التى كان فيها الاتحاد السوفييتى يقوم بتسليح دول المواجهة ضد إسرائيل، أما فى سنوات بوتين فقد تخلت روسيا عن الجميع، قربانًا لإسرائيل، ورغبة فى أن يقبلها الغرب كأحد الحلفاء الذين يأملون فى الاندماج معهم ونيل حصة مما يلتهمون!.
قد يندهش القارئ إذا عرف أن روسيا قد أقرت فرض أقسى العقوبات ضد كوريا الشمالية، ولم تستخدم الفيتو لحماية الحليف الكورى منذ عام ٢٠٠٦ حتى عام ٢٠١٧، ورغم ذلك فقد ساعدتها بيونج يانج بإرسال أسلحة ومقاتلين فى حربها ضد الغرب. كذلك إيران قدمت للروس طائرات «شاهد» المسيرة بكميات كبيرة عندما كانت روسيا فى أحلك الأوقات. لا دهشة من الموقف الروسى، ذلك أن روسيا باعت صواريخ إس ٤٠٠ لليونان ولتركيا العضوتين فى حلف الناتو، بينما رفضت بيعها لإيران أو لسوريا. وعندما صرح بوتين بالأمس بأن إيران لم تطلب المساعدة فهو صادق، لأن إيران تعلم أنها إذا طلبت المساعدة فلن تحصل عليها، وإلا لكانت قد حصلت على طائرات سو ٣٥ التى تعاقدت عليها ودفعت ثمنها بالفعل وتماطل روسيا فى تسليمها!.