المجد وبحور الدم

المجد وبحور الدم

المجد وبحور الدم

 العرب اليوم -

المجد وبحور الدم

بقلم : أسامة غريب

يوم أن رفض محمد على كلاى أن يتم تجنيده ليحارب الفيتناميين الذين لم يؤذوا بلاده فإننا قمنا بتثمين موقفه الشريف الشجاع، وإزجاء التحية لهذه البادرة غير المألوفة على الإطلاق. العادى على مدار التاريخ هو أن يلتقى الجمعان فى الموقعة الحربية فيلتحم الجنود فى صراع ضارٍ، ويحاول كل واحد أن يبدى أقصى قدر من العزم والشجاعة، ساعيًا بإصرار إلى قتل أكبر عدد من جنود الجيش المعادى.. هذا الجندى يستند فى طرد الخوف من قلبه إلى استدعاء الغضب وتركه يستعر فى داخله، فيستمر الحنق والأدرينالين المتدفق فى إمداده بالطاقة والعزم لافتراس المزيد من الرجال مع إذلال من يقع فى الأسر منهم. كل هذا يفعله الجندى الباسل من أجل الشرف والمجد للسلطنة أو المملكة أو الإمبراطورية، ولصاحب المقام الرفيع حاكم البلاد الذى يتابع المعركة ويدفع رجاله لمحاربة قوم لا يعرفونهم وقتل رجال ربما لم يسيئوا إليهم، وتخريب ديار قد تكون لم تمد لهم اليد بأى أذى!.

هذا هو ما يحدث على مر التاريخ.. الجندى الذى انتزعوه من أحضان زوجته وأطفاله ليدفعوا به إلى قتال لا يعرف أسبابه، ومعركة لن ينجو منها إلا إذا قام بقتل كل من يصادفه من بشر هم مثله تماماً، لهم عائلات، وأرض تحتاج لمن يزرعها وأفواه تنتظر الطعام.

لكن ما الذى يجعل الرجل ينصاع ليكون ترساً فى آلة للقتل فى معركة لا تخصه، وإنما فقط ترضى طموح القادة والملوك الذين يتصارعون من أجل توسيع رقعة المال والنفوذ والسيطرة؟. ما يجعله ينصاع هو الخوف، فالملوك يضرب الواحد منهم بمَن أطاعه مَن عصاه! ولا يعنى رفْض المشاركة فى القتال الموت فقط، لكن تلويث الشرف، والعار الذى يلحقونه بذريته وأبنائه. وهناك أيضاً الحوافز التى يقدمها السادة للعبيد حتى يحصلوا على مجهودهم الحربى، والتاريخ يذكر لنا أمثلة عديدة لهذا النوع منها القاتل الأشهر «وحشى» الذى دفعوه لقتل رجل يحبه ويقدره هو حمزة بن عبدالمطلب، مقابل حريته التى لم يحصل عليها أبداً!.

فى مذكرات الفريق سعد الدين الشاذلى عن حرب أكتوبر ذكر حالة أحد الجنود التى مرت به وقت أن كان يعمل على الإعداد للمعركة.. ذكر الشاذلى أنهم عرضوا عليه حالة جندى يرفض القتال ويتعلل بأنه شخص مسالم لا يمكنه قتال حتى الذين يعتدون عليه، وأنه فكرياً غير مؤهل للقتل ولا يؤمن بالحرب كوسيلة لحل المشكلات بين البشر. بطبيعة الحال فإن السجن كان مصير هذا الشاب الذى يسهل على الجميع وصفه بالجبن والتخاذل والخيانة، خاصة أن الحرب التى دُعى إليها كانت حرباً عادلة من أجل تحرير الأرض التى اغتصبها بالحرب عدو غادر خسيس.. لكن قد يكون من المفيد النظر إلى الأمر من زاوية أخرى هى أن هذا الشخص هو إنسان مختلف حقاً، له قناعات يصعب علينا فهمها لأننا لا نقف معه على ذات الأرضية الفكرية والنفسية، ولا يجب أن ننسى سعادتنا وتقديرنا لموقف محمد على كلاى من المشاركة فى حرب لا تخصه.

arabstoday

GMT 12:05 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

قرارات الكابينت تطيل أمد الحرب فقط

GMT 07:27 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

شاعر الأندلس لم يكن حزيناً: النهاية!

GMT 07:22 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

تيه في صخب عربي مزمن

GMT 07:20 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

الظهور الثاني لعوض الدوخي

GMT 07:18 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

«إيه في أمل»... مرة أخرى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

المجد وبحور الدم المجد وبحور الدم



نانسي عجرم تتألق بفستان فضي من توقيع إيلي صعب في إطلالة خاطفة للأنظار

دبي ـ العرب اليوم

GMT 10:55 2025 السبت ,09 آب / أغسطس

درة تتألق بإطلالات صيفية ملهمة في 2025
 العرب اليوم - درة تتألق بإطلالات صيفية ملهمة في 2025

GMT 06:33 2025 الجمعة ,08 آب / أغسطس

إصابة 11 سائحا في حادث مروع شرقي مصر

GMT 06:39 2025 الجمعة ,08 آب / أغسطس

وفاة الفنان سيد صادق عن عمر يناهز 80 عامًا

GMT 06:26 2025 الجمعة ,08 آب / أغسطس

العاصفة إيفو تقترب من سواحل المكسيك

GMT 08:45 2025 الخميس ,07 آب / أغسطس

شاعر الأندلس لم يكن حزيناً

GMT 05:57 2025 الجمعة ,08 آب / أغسطس

هزة أرضية ثانية تضرب الإمارات
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab