الشر وأثر الفراشة

الشر وأثر الفراشة

الشر وأثر الفراشة

 العرب اليوم -

الشر وأثر الفراشة

بقلم : أسامة غريب

إيذاء الناس وإلحاق الضرر بهم هو فعل رهيب. أقول هذا وأنا أعنيه تمامًا، ذلك أن النتائج التى تترتب على هذا الأذى ستكون كارثية على المجتمع كله، ومن الممكن أن تفسد الحياة. الطرف المظلوم سيكون أمام خيارين: إما أن يعلو ويسمو ويتسامح ويصفح حتى لا يعكر نفسه بمشاعر الضغينة التى تأكل صاحبها، وإما أن يشرع فى الثأر والانتقام.

فى الحالة الأولى فإن الشخص المتسامح لن تكون حياته سهلة مثلما قد يبدو من النظرة السطحية، لأن الأفكار ستتناوشه من وقت لآخر بأنه ضعيف، لم يقو على المواجهة ولم يسدد لمن ضربه ضربة مضادة.. سيقول هذا لنفسه. سيشعر أيضًا أن التسامح هو ستار يخفى وراءه جبنًا وخوارًا مع التظاهر بأنه كبير ومستعلى على مشاعر الناس العاديين. وإذا كان هذا ما سيقوله لنفسه فما بالك بما يُنتظر أن يقوله عنه الناس. لا شك أن نظرتهم إليه ستكون مزيجًا من الإشفاق والاستهانة. هذا كله سيعكر عليه حياته ويخربها رغم أنه اختار من البداية أن يتسامح بغرض الحصول على السلام والهدوء النفسى.

أما فى الحالة الثانية التى يقرر فيها أنه لن يكون ضعيفًا وإنما سيشرع فى تنفيذ انتقام يرد به الأذى، فإنه سيحتاج إلى آليات وأدوات وترتيبات ووضع مخطط ينفذ من خلاله انتقامه وثأره المنشود. فى سبيل هذا قد يبدد موارد مالية ويستعين بأوباش لم يكن يتصور أن يكونوا جزءًا من حياته. سيخالط أنواعًا من الأشرار يلتمس لديهم أفكارًا تنفعه، وقد يعقد تحالفات تكبله وتعوقه فى المستقبل، وقد يصبح مدينًا بخدمات وأفضال لأناس ليسوا فوق مستوى الشبهات.

وبعد ذلك إذا نجح فى تسديد ضربة صاروخية ساحقة وشعر بالانتشاء والراحة لأن اعتباره رُد إليه وكرامته الجريحة وجدت الدواء.. إذا حدث ذلك، فإن المرء سيصل إليه بعد أن يكون قد فقد ذاته وتاه عن نفسه الطيبة التى كانت، وتحوّل إلى شخص شرس لا يبالى بالآخرين. سيتحول إلى نسخة من الشرير الذى آذاه، ودون هذا التحول لا أمل فى الثأر، فالطيبون لا ينجحون فى الانتقام، لأن له متطلبات لا يمكن تجاوزها.

يعنى فى الحالتين سيكون المرء خاسرًا، سواء سامح وغفر وتجاوز وضرب صفحًا عن الإساءة.. أو رفض السماح وقرر أن يستجيب للنار التى تعتمل فى داخله وأن يوجه لهيبها نحو الخصم الذى آذاه وارتكب بحقه الإساءة. هذا بالضبط ما أقصده حين قلت إن الشرير المؤذى يخرب الحياة ذاتها ويفسد مسارها الصحيح الذى يجتهد البشر لتعبيده وإصلاحه، وإن كل إساءة لفرد واحد يتلوها - سواء عند السماح أو عند الانتقام- تخريب لحيوات كثيرة فى سلسلة من التداعيات التى تشبه أثر الفراشة.. تلك الفراشة التى قد تحدث رفرفتها بجناحيها الصغيرين تسونامى فى أقصى الأرض بعيدًا عن الفراشة نفسها بكثير.

الأشرار قد يقرأون هذا الكلام ويسخرون منه؛ لأن نظرتهم قاصرة ولا يرون إلا لمسافة متر واحد، أما الطيبون فلن يفيدهم هذا الكلام أيضًا؛ لأن طيبتهم ستمنعهم من تصديق كلمة واحدة مما أقول!.

arabstoday

GMT 17:22 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

وهل كنا نعيش في المدينة الفاضلة؟!

GMT 17:21 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حكاياتي مع السيجارة

GMT 15:26 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

ترامب في الجامع.. رسالة التسامح والسلام

GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

مِن رَوَائِعِ أَبِي الطَّيِّب (50)

GMT 15:20 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

إنقاذ سوريا

GMT 10:33 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

آخر اختبار لأخلاق العالم

GMT 03:11 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حياة عادية

GMT 03:09 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

ياسمين حسان ياسين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الشر وأثر الفراشة الشر وأثر الفراشة



النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:11 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

أحمد سعد يعلّق على نجاح حفله في أستراليا
 العرب اليوم - أحمد سعد يعلّق على نجاح حفله في أستراليا

GMT 02:41 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

هذه القصة المُحزنة

GMT 00:26 2025 الإثنين ,19 أيار / مايو

غوتيريش يطالب بوقف إطلاق نار دائم في غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab