بقلم:أسامة غريب
بعض الناس لا تفهم ما الذى يحدث فى منطقة السويداء فى الجنوب السورى ولا يدركون مغزى التدخل الإسرائيلى الذى حدد لجيش الجولانى الخطوط التى لا يجب أن يتجاوزها داخل الأراضى السورية!
الموضوع ببساطة هو أن قوات تنظيم القاعدة التى تحكم سوريا الآن بعد أن غيرت اسمها إلى هيئة تحرير الشام تم تكوينها من متطوعين أتوا من أواسط آسيا، من الصين والشيشان وتركمانستان وغيرها. لكن ما الذى دفع هؤلاء إلى السفر لبلاد لا يعرفونها لمحاربة قوم لا يعرفونهم؟
البداية كانت من شوق هؤلاء المسلمين إلى التعرف على الإسلام والتمنطق به، وهم الذين يسكنون بلادا ضعيفة الصلة بالدين. فى الواقع لم تتأخر الديار الوهابية فى بناء مئات المساجد وإرسال مئات الدعاة والشيوخ الذين قاموا باحتضان النشء فى هذه البلاد وتعليمهم الإسلام، ولكن أى إسلام علّموهم؟ هنا كانت المصيبة. لقد علّموهم إسلام ابن تيمية وإسلام محمد بن عبد الوهاب.
وعندما استدعت تركيا مدعومة بالمال العربى طلائع المجاهدين من هذه البلاد لمحاربة بشار الأسد فإنها لم تطلب منهم أن يحاربوا من أجل الحرية أو الديموقراطية أو تحقيق المساواة بين أطياف الشعب السورى. لا.. كانوا قادمين وكلهم شوق لمحاربة الكافرين.
الشباب الإيجورى الصينى والشيشانى الذين التحقوا بقوات الجولانى كانوا ذاهبين وفى أذهانهم غزوات الرسول التى فتحت الأبواب للإسلام، وكان فى أذهانهم أن ينالوا الشهادة فيدخلوا جنة مليئة بالحور العين.
لقد تحدد العدو المطلوب سحقه فى سوريا وهو القوم الكافرين، ويمكن بكلام أكثر تحديدا أن نقول إنهم العلويون الذين يسكنون الساحل السورى قرب اللاذقية وطرطوس، والفتاوى الوهابية قد أفتت أنهم انحرفوا عن الدين وخرجوا من الملة. الدروز أيضا فى محافظة السويداء كفار لأنهم طبقا لابن تيمية من المرتدين الذين يجب قتالهم وقتلهم. أما عن المسيحيين فى دمشق وحولها فالأمر لا يحتاج إلى فتاوى من أى جهة، فكفر هؤلاء ليس محل شك وقتلهم لا بد أنه يرضى الله ورسوله.
ولعل ما حدث لهذه الأقليات فى المجتمع السورى على يد التكفيريين الذين يقودهم دمية نتنياهو يؤكد ما نقوله. لقد تم ذبح العلويين المدنيين وبالذات الأطفال والنساء بواسطة ميليشيات إجرامية يسمونها قوات الأمن العام، وبعدها تم تفجير كنيسة مار إلياس على رؤوس المسيحيين، واليوم جاء الدور على الدروز ليذوقوا بأس الجولانى الذى تصفعه إسرائيل ليل نهار فيستدير بإقامة المذابح ضد السوريين، ثم يعتذر ويعد أنَّه سيقدم الفاعلين إلى العدالة!
نفس السيناريو الخسيس يكرره حاكم سوريا الذى لم ينتخبه أحد. قد يقول قائل: وهل من المعقول أن يقوم الجولانى بتدبير هذه المذابح التى تحرجه شخصيا وتسيء إليه؟ والإجابة: الأمر لا يعود إليه، لأنه لا يستطيع أن يهدم البنيان الفكرى لهؤلاء المجاهدين بعد أن عاشوا سنين طويلة يرضعون فكر قتال الكفار، وحتى لو أمرهم أن يكفوا فإنهم لن يطيعوه.
الأمر المحير فى هؤلاء المجاهدين هو: ألا يفكرون مرة، مرة واحدة أن يضموا المحتل الإسرائيلى إلى قائمة الكفار؟