بين الإبادة والخداع

بين الإبادة والخداع

بين الإبادة والخداع

 العرب اليوم -

بين الإبادة والخداع

بقلم : أسامة غريب

الدول الأوروبية الاستعمارية تختلف عن الولايات المتحدة، فبينما الأخيرة تتسم بالفجاجة والوقاحة فى الإعراب عن المواقف المختلفة حتى لو خالفت القانون الدولى، فإن دول أوروبا بتاريخها الطويل فى الخبث والدهاء اكتسبت قدرات كبيرة فى الخداع والمناورة وإلباس الباطل ثوب الحق. أقول هذا بمناسبة التسارع الأوروبى المريب فى إعلان النية بالاعتراف بالدولة الفلسطينية. بدأت فرنسا هذا الموضوع حينما تأثرت علاقة ماكرون بمجرم الحرب نتنياهو قليلًا وأراد الرئيس الفرنسى أن يقدم هدية لرئيس الوزراء الإسرائيلى فأعلن عن نيته الاعتراف بدولة فلسطين، لكن وقوع العدوان الإسرائيلى على إيران ونشوب الحرب عطل هذه الفكرة المسرحية التى تدينها إسرائيل فى العلن لكن ترحب بها فى الخفاء. بعد فرنسا سارعت بريطانيا على لسان ستارمر رئيس الوزراء بإعلان نيته هو الآخر فى الاعتراف بالدولة الفلسطينية ثم تبعتها إيطاليا وألمانيا والنرويج، والطابور ما زال فى انتظار القادمين الجدد.

أما لماذا نقول إنها مسرحية مصنوعة لأجل إنقاذ إسرائيل؟.. فلأن الجرائم الفظيعة التى ارتكبها جيش الاحتلال فى غزة، وكذلك قيامه باحتلال أراض سورية وأخرى فى لبنان، كل هذا كان يقتضى من الدول الكبرى التى تهيمن على القرار الدولى أن تتكتل لمعاقبة الدولة المارقة التى تدوس على ميثاق الأمم المتحدة، وتبول على كل القرارات الدولية، وتضرب عرض الحائط بما وقّعت عليه من اتفاقيات.. لكن لأن أوروبا تؤيد فى الواقع كل جرائم إسرائيل وترى أن نتنياهو يقوم بالعمل القذر ويلوث يديه نيابة عن الغرب ويتحمل أن يوصم بالإجرام ويوصف بمجرم الحرب، بينما هو يقوم بالأمر الطبيعى الذى يريدونه جميعًا ويرغبون فيه.

ولكن بسبب أن الشعوب الأوروبية قد حدثت لها استفاقة على وقع مشاهد الإبادة الجماعية والقتل اليومى للنساء والأطفال وتجويع المدنيين ثم قتل من يتزاحم منهم لنيل بعض الطحين.. كل هذا قد جعل الشعوب تضغط على القادة لاتخاذ إجراء يوقف حرب من طرف واحد تقودها إسرائيل ضد الإنسانية. وكما أسلفنا فإن القادة يرغبون فى تجاوز هذه الموجة من التعاطف مع الضحايا من أهل غزة ويريدون أن يفسحوا المجال ويمنحوا إسرائيل الوقت الذى تحتاجه لتنفيذ العمل القذر، لذلك فإنهم فكروا فى تمثيلية الاعتراف بالدولة الفلسطينية من أجل تنفيس الغضب وإشعار الشعوب الأوروبية بأن شيئًا من العدالة فى الطريق للتحقق، بينما الحقيقة أنه لا توجد لهذه الدولة التى يعتزمون الاعتراف بها أى أراض أو حدود، وليس فى نية إسرائيل ترك أى شبر مما استولت عليه، كما أنه ليس فى برنامج الدول الأوروبية فقرة تتعلق بممارسة ضغوط حقيقية على إسرائيل لحملها على تنفيذ قرارات الأمم المتحدة منذ عام ١٩٤٧ حتى الآن، وهى القرارات التى من شأن تنفيذها أن تقيم الدولة الفلسطينية بحق. الموضوع كله عبارة عن فقرة إلهاء وهى ليست موجهة للعرب، فهؤلاء لا يشغلون أحدًا لكنها مصنوعة بالأساس من أجل الرأى العام فى أوروبا وأمريكا وكندا وأستراليا. كان الله فى عون الفلسطينيين الذين يتعرضون للإبادة والخداع فى نفس الوقت.

arabstoday

GMT 17:06 2025 السبت ,23 آب / أغسطس

‎كشف المخدرات.. تحية لشرطة المرور

GMT 10:07 2025 السبت ,23 آب / أغسطس

مع القهوة

GMT 09:49 2025 السبت ,23 آب / أغسطس

انتصار تراجع أمام دموع صلاح

GMT 09:15 2025 السبت ,23 آب / أغسطس

قانون الغاب الأمريكي الإسرائيلي

GMT 09:10 2025 السبت ,23 آب / أغسطس

أكثر الأقاليم دموية

GMT 08:06 2025 السبت ,23 آب / أغسطس

ضياعٌ بين «الروبابيكيا» وحراج ابن قاسم!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

بين الإبادة والخداع بين الإبادة والخداع



ميريام فارس بإطلالة جريئة وتصاميم بيار خوري تبرز اختلاف الأسلوب بينها وبين ياسمين صبري

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 13:09 2025 الجمعة ,22 آب / أغسطس

علاقات تتجاوز اختلاف الرؤى

GMT 08:06 2025 السبت ,23 آب / أغسطس

ضياعٌ بين «الروبابيكيا» وحراج ابن قاسم!

GMT 04:23 2025 السبت ,23 آب / أغسطس

سوريا تصدر أوراقاً نقدية جديدة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab