منتصف الأسبوع الماضى سافر أحد أصدقائى إلى الصعيد بسيارته الملاكى عبر الطريق الصحراوى الغربى.
فى نطاق محافظة المنيا أوقفته دورية شرطة، وطلبت منه إجراء تحليل مخدرات عشوائى، وبالفعل تم التحليل وكانت النتيجة سلبية، لأن هذا الصديق لم يشرب أى نوع من المخدرات أو المسكرات فى حياته بأكملها، وآخره أن يشرب سجائر عادية بين الحين والآخر.
الصديق وهو يحكى لى الحكاية كان مستغربا إلى حد ما من إجراء اختبار المخدرات، وربما شعر ببعض الضيق من جراء ذلك.. سألته هل كانت معاملة أفراد الكمين أو الدورية سيئة، فقال لى إن ضابط الشرطة صغير السن كان فى منتهى الأدب والأخلاق، فى حين أن أمين الشرطة كان جافا بعض الشىء، ويتعامل مع الناس على اعتبار أنهم جميعا مدمنون أو مشتبه فيهم.
الصديق أخبرنى أنه شاهد «ميكروباصا" ممتلئًا بسائقين وقائدى سيارات ثبت أن عيناتهم إيجابية.
عندما انتهى صديقى من إخبارى بالقصة وكان يبدو عليه أنه لم يكن مرتاحا لإجراء هذا الاختبار، قلت له: ما فعلته الشرطة إجراء فى منتهى الأهمية، وعلينا أن نفرح ونرتاح ونسعد ونشيد به، ونحيى الشرطة عليه، ونلح عليهم ألا يتوقفوا عن إجرائه طوال الوقت حتى يتوقف كل السائقين وكل الركاب وكل قائدى المركبات عن تناولهم المخدرات التى تتسبب فى كل هذه الكوارث على الطرق المصرية، وبالتالى فإن هذا الإجراء فى مصلحة الجميع، بمن فيهم المدمنون.
كتبت فى هذا المكان أكثر من مرة أنتقد تقصير شرطة المرور فى أكثر من موضع، وكتبت قبل أسابيع وقلت إن لو أن كل جهة أدت ما عليها، ما وقعت حادثة قرية السنابسة على الطريق الإقليمى بمحافظة المنوفية وأدت إلى مقتل ١٨ فتاة بسبب سائق تريلا ثبت أنه كان يتعاطى المخدرات.
لكن وللموضوعية فإن هناك نشاطا ملحوظا لشرطة المرور ولوزارة النقل منذ هذا الحادث.
سافرت كثيرا طوال الأسابيع الماضية إلى أكثر من مكان خارج القاهرة مثل الإسكندرية والعلمين والإسماعيلية وأسيوط والعاصمة الإدارية، ولاحظت تدقيقا شديدا على التأكد ليس فقط من صلاحية رخص القيادة والسيارات، بل وهذا هو الأهم الكشف على المخدرات لدى السائقين.
نعلم جميعا أن بعض سائقى النقل الثقيل كانوا يتعاطون المخدرات، خاصة الترامادول بأنواعه المختلفة، اعتقادا بأن ذلك يجعله يتحمل القيادة لمسافات طويلة دون نوم.
وكل الخبراء والمختصين يقولون إن ذلك مجرد وهم كاذب، فإذا كانت العيون تظل مفتوحة، فإن معظم أعضاء الجسم تكون فى حالة نوم فعلى وهذا النوع من المخدرات يدمر خلايا المخ على المدى البعيد، ثم إن غالبية الحوادث ثبت أن المتسببين فيها كانوا يتعاطون المخدرات فكيف لم تنقذهم من الوقوع فى هذه الحوادث؟!
من الإشارات الإيجابية زيادة عدد الكاميرات والرادارات على مختلف الطرق، خصوصا طريق الإسكندرية الصحراوى وطريق الساحل الشمالى.
كل ما أتمناه ألا يكون هذا النشاط مجرد «شدة الغربال الجديد» أو حالة الطوارئ بعد حادث الطريق الإقليمى، بل أن يصبح ثقافة شاملة لدى الجميع من أول شرطة المرور نهاية بقائدى السيارات بمختلف أنواعها.
ولو كان لى أن أقترح على إدارة المرور هو أن تعيد النظر فى الأماكن التى ينصبوا فيها الكمائن، بحيث تحقق الهدف الأساسى وهو الضبط والربط، لكنها لا تعيق المرور، ولا تتسبب فى بعض الحوادث.
كل التحية والتقدير لأى ضابط أو أمين أو فرد شرطة فى المرور يؤدى عمله بكفاءة وأدب والتزام، وأتمنى أن يستمروا ويتوسعوا فى إجراء تحليل المخدرات العشوائى من أجل منع وتقليل الحوادث. وأن تستمر بقية الوزارات والهيئات والمصالح فى إجراء نفس التحليل لموظفيها حفاظا على الصحة العامة لهذا الشعب المسكين.