بقلم : أسامة غريب
اليوم يطلبون من المقاومة اللبنانية أن تسلم السلاح الذى يخيف إسرائيل، ويقدمون وعوداً بضمان ترامب ونتنياهو وإيال زامير بأن رجال المقاومة وعائلاتهم والطائفة الشيعية بأكملها فى لبنان ستكون فى الأمان، وسوف تبسط عليهم الدولة اللبنانية حمايتها برعاية السيد نواف سلام رئيس الوزراء والسيد جوزيف عون رئيس الجمهورية، بعد أن يصبح الجيش اللبنانى غير المسلح هو الجهة الوحيدة المحتكرة للّا سلاح!.
ولهؤلاء الناس الطيبين أو المستعبطين نسوق هذه الحدوتة:
«فى عام ١٢٥٨ أرسل هولاكو إلى الخليفة المستعصم رسالة يدعوه فيها إلى هدم حصون وأسوار بغداد وأن يردم خنادقها وأن يأتى إليه بشخصه ويسلمه المدينة، وأوصاه فى تلك الرسالة بأن يستجيب حتى يحفظ كرامته وينقذ أهله، وهدده بأنه إن لم يستجب فسيحل به وبلاده الخراب والدمار. ما كان من المستعصم وكان متخاذلًا ضعيفًا إلا أن استدعى وزيره مؤيد الدين ابن العلقمى وسأله: ما تدبير أمرنا؟ فرد عليه ابن العلقمى ببيت شعر يقول: يظنون أن الأمر سهلٌ وإنما.. هو السيف حدّت للقاء مضاربه. انخدع المستعصم فى وزيره الخائن الذى كان ينسق مع الأعداء ووافق على مشورته بأن يبعث بابنه وولى عهده إلى هولاكو لمفاوضته، فطلب هولاكو إلقاء السلاح وخروج جيش الخليفة بأكمله من بغداد إلى معسكر المغول بدون سلاح، وهناك حنث هولاكو بوعده وقام بقطع رؤوس عشرات الألوف من الضباط والجنود على مرأى من سكان بغداد وولى العهد!.
بعد ذلك لم يتبق لهولاكو سوى الخليفة والأعيان. الأعيان تكفل بهم ابن العلقمى فجمع سادات بغداد وعلماءها إلى هولاكو حيث قتلهم جميعًا، أما الخليفة فقد أوهمه ابن العلقمى أن ملك التتار يريد مصالحته وأشار على الخليفة بالخروج إليه والمثول بين يديه على أن يكون نصف خراج العراق لهم ونصفه للخليفة، فخرج الخليفة إليه فى سبعمائة راكب من القضاة والفقهاء والأمراء. وهكذا تم أسره وقتله بناء على نصيحة الوزير الخائن. ومن مضحكات القدر فى قصة سقوط الدولة العباسية أن هذا الخليفة كان يمتلك جيشًا جرارًا يستطيع التصدى لجيش هولاكو لو أُحسن تنظيمه وأنهضت همة رجاله، لكن الذى حدث كان العكس حيث كان الخليفة يستمع إلى نصائح وزيره الواردة من هولاكو بضرورة إنقاص الجيش وتسريح أكبر عدد من الجنود حتى لا يتم استفزاز زعيم المغول وإغضابه!».. وأظن أن هذه النصيحة ما زالوا يقدمونها للآن للعرب!.
المقاومون فى لبنان يعرفون هذه الحقائق كاملة ويعرفون أيضًا أن أشرار الداخل لا يقلون غدراً عن أشرار الخارج، وأنه لحظة التخلى عن السلاح فإن مليون وثمانمائة ألف مواطن لبنانى سيتم ذبحهم دون شفقة.. لن يتم ترحيلهم وطردهم لكن ستحصدهم الرشاشات والفؤوس والسواطير، ولمن يستهول العدد ويعتقد أن مذبحة مثل هذه لا يمكن أن ترتكب فى العصر الحديث عليه أن يرجع ثلاثين عامًا للوراء حيث تم ذبح مسلمى البوسنة بعد إلقاء السلاح، وعليه أن يخبرنا أيضًا: هل هناك من حاسب إسرائيل على ٢٥٠ ألفًا من الشهداء والجرحى فى غزة؟.