الكتالوج والسعادة

الكتالوج والسعادة

الكتالوج والسعادة

 العرب اليوم -

الكتالوج والسعادة

بقلم:أسامة غريب

التدخين ضار جدًا بالصحة كما هو مكتوب على علب السجائر، وحفاظ الإنسان على صحته أمر محمود بكل تأكيد، إلا أن فكرة تعقيم الإنسان بإبعاده عن التدخين الذى يدمر الرئتين، وإبعاده عن الطعام الدسم الذى يسد الشرايين، وتحذيره من الخروج فى البرد بملابس خفيفة، ومن نزول البحر والموج عال، ومن مصادقة البنات، ومن السهر خارج البيت والسهر داخل البيت، ومن مصاحبة الأولاد الذين لا يذاكرون كثيرًا ويلعبون معظم الوقت.

هذه الفكرة ربما ينتج عنها مواطن تقبله كلية التربية الرياضية.. لكن هل هذه هى كل الحياة؟.. فى اعتقادى أن الحياة أوسع وأعرض من مجرد الحفاظ المَرَضى على الصحة.. أنا بطبيعة الحال أعلم أن الإنسان يحتاج لأن يكون سليمًا حتى يستمتع بالحياة، لكن هل الحياة التى ليس بها سوى شرب اللبن وأكل الخس والجزر، والنوم المبكر هى أفضل حياة؟.

لقد كنت مدخنًا لكنى لم أرسب ولم أفشل ولم يضع مستقبلى كما تنبّأ أهلى، وقد صادقت جميع من اصطُلح على تسميتهم برفقاء السوء وخرجت من معرفتهم بزاد وافر من خبرة الحياة، فضلًا عن متعة مجالسة خفاف الظل الذين تتفجر الكوميديا من بين أيديهم. إننى لا أستطيع أن أنسى أن أتعس سنة فى حياتى كانت العام الدراسى الذى أجلسونى فيه فى فصل المتفوقين حيث العيال المتخشبة التى لا تفهم النكتة ولا تجيد غير المذاكرة والحفظ خشية أن يفقدوا ما يميزهم وهو الشطارة والتفوق الدراسى الذى كفل لهم على الدوام رضا المدرسين والآباء.

هؤلاء لم يجربوا متعة إغضاب المدرسين واستفزازهم لدرجة استخدام العصا ضد تلميذ نجح فى إحراجهم علميًا ووجّه لهم أسئلة عجزوا عن إجابتها لأنها غير موجودة فى الإجابات النموذجية التى يعيشون معها. ليس معنى هذا أننى أشجع على التدخين أو أدعو إلى الانحراف.. كل ما فى الأمر أننى أود أن ألفت النظر إلى أبعاد أخرى فى الصورة لا يراها الناس لفرط رعبهم من الحياة اللذيذة!.

لقد عرفت زميلًا كان يرفض بشدة أن يجلس معنا على القهوة ونحن تلاميذ حتى لا تفوته المذاكرة، وكان لا يأتى معنا للسينما لأن بها أفلامًا للكبار فقط حذره منها أبوه، وكان يخاف من وضع شطة على الكشرى لأن أمه حذرته من الطعام الحراق، ولم يكن يفوّت أى فرصة لممارسة الرياضية وتكوين العضلات.. هذا الزميل مات قبل أن يبلغ العشرين مريضًا بالسرطان. لقد كان أسوأ ما يمكن أن يحدث لزميلى هذا لو أنه شاركنا التدخين فى السنوات الخمس الأخيرة من عمره هو أن يصاب بالسرطان!.

لست أدعو الناس للرذيلة ولا أحرضهم على العصيان لكنى أدعوهم لتأمل حكمة الحياة التى لا تمنح السعادة بالضرورة لمن يسير طبقًا للكتالوج، بينما قد تكون سخية مع مغامر عاش الحياة بالطول والعرض، وعبّ من منابعها عبًّا وفعل عكس ما نادت به كتب المطالعة الرشيدة وتعليمات وزارة الصحة والسكان.

arabstoday

GMT 11:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (51) الهند متحف الزمان والمكان

GMT 10:54 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

حسابات المكسب

GMT 10:51 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 10:47 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الضربة الإيرانية

GMT 04:18 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

سفير القرآن!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الكتالوج والسعادة الكتالوج والسعادة



أيقونة الجمال كارمن بصيبص تنضم لعائلة "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:28 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة
 العرب اليوم - نادين نجيم تكشف عن علامتها التجارية الخاصة

GMT 14:01 2024 السبت ,27 إبريل / نيسان

طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها
 العرب اليوم - طرق سهلة لتحسين صحة الأمعاء والحفاظ عليها

GMT 23:31 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 23:06 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

أكذوبة النموذج الإسرائيلي!

GMT 08:56 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

شهيد في غارة إسرائيلية استهدفت سيارة جنوب لبنان

GMT 20:59 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نجيب محفوظ كاتب أطفال

GMT 23:51 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

طهران ــ بيونغيانغ والنموذج المُحتمل

GMT 23:10 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

ماذا نريد؟

GMT 10:12 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

219 مستوطنا إسرائيليا يقتحمون المسجد الأقصى

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,23 إبريل / نيسان

مقتل 7 أشخاص وإصابة 15 آخرين في حادث سير بالجزائر

GMT 21:15 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

الأهلي في أحلام الفيفا الكبيرة..!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab