الإحساس قد يكون نقمة

الإحساس قد يكون نقمة

الإحساس قد يكون نقمة

 العرب اليوم -

الإحساس قد يكون نقمة

بقلم - أسامة غريب

كنت أسير بالشارع عندما مرت من أمامى سيارة نصف نقل مكتوب عليها من الخلف: الإحساس نعمة. من المألوف بالنسبة لسيارات نقل الأمتعة وعربات الميكروباص فى مصر أن يكتب صاحب المركبة عليها من الخلف مقولات يحبها ويراها منابع للحكمة أو مصدرًا للطرافة والظرف.. والحقيقة أن بعضها ينطبق عليه هذا فعلًا وبعضها الآخر سخيف ويعبر عن ذوق متدن. ومن المؤكد أننى لمحت هذه العبارة (الإحساس نعمة) كثيرًا على سيارات النقل، فهى شائعة بين السائقين.

وجدتنى أفكر فى العبارة متسائلًا: هل صحيح الإحساس نعمة أم أنه على العكس يمثل لعنة لصاحبه عندما يؤرقه ويفسد عليه حياته، وقد تتصاعد درجة الإحساس فترفع ضغط الدم عند الشخص الحسيس وتقضى عليه؟.

طاف بخيالى عدد من أصحاب الإحساس الذين قضوا نتيجة مواقف يمر أمثالها على غيرهم كل يوم دون أن تترك فيهم أى أثر. تذكرت الأديب محمد عبد الحليم عبد الله الملقب بأمير الرومانسية فى الأدب العربى، صاحب روايات: بعد الغروب وشمس الخريف وشجرة اللبلاب وغرام حائر وألوان من السعادة. هذا الرجل كان مرتبطًا بقريته فى محافظة البحيرة، وهناك بنى للعائلة بيتًا اعتاد أن يذهب إليه.

فى آخر زيارة له هناك وأثناء رحلة العودة إلى القاهرة بالأوتوبيس تعرض لموقف مؤلم لم يخطر له على بال، إذ إن السائق الذى كان جلفًا غليظًا وجّه للأديب الكبير إهانات فظيعة إثر خلاف عادى لم يكن يستحق السفالة التى تفوه بها فى وجه الرجل المهذب النبيل. لم يصدق عبد الحليم عبد الله نفسه ولم يحتمل رأسه كل هذه القسوة اللفظية من جهول غليظ لم يعرف إلى مَن كان يتحدث، فانفجرت شرايين دماغه وفاضت روحه إلى ربه فى مستشفى دمنهور فى منتصف عام 1970 وعمره 57 سنة.

تذكرت أيضًا الصحفى الأستاذ على حمدى الجمّال الذى عمل بالصحافة منذ أواخر الأربعينيات، وتقلد مناصب قيادية بأخبار اليوم ومن بعدها الأهرام التى أصبح رئيسًا لتحريرها عام 75. كانت ظروف رئاسته للتحرير سيئة، إذ إنها أتت فى فترة عصيبة كان فيها السادات قد أبرم صلحًا مع الإسرائيليين فوقفت ضده كل الدول العربية وشنت عليه الصحافة حملة تخوين خطيرة، وشارك الكثير من الكتاب والصحفيين المصريين فى الهجوم عليه وانتقاده.

كل هذا جعل الرئيس المصرى فى حالة غضب دائم وجعل أعصابه تنفلت فى كثير من الأحيان فتصيب حتى المقربين إليه، وقد تحمّل كل من دنا منه فى تلك الفترة جانبًا من آثار نوباته الانفعالية.. وكان من حظ رئيس تحرير الأهرام الأستاذ على الجمّال أنه تعرض لغضبة ساداتية عارمة قام فيها الرئيس بإهانته فى وجود جمع من رؤساء التحرير، لدرجة لم يستطع معها قلب الرجل أن يحتمل، وما أصعب الإهانة حينما لا نستطيع ردها.. مات فى نفس الليلة وفاضت روحه إلى بارئها فى 9 نوفمبر عام 79.

arabstoday

GMT 03:12 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

لا بديل في الحالتين

GMT 00:51 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

العالم في ثلاثة من النمسا

GMT 00:51 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 00:51 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

التجربة الكندية

GMT 00:51 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

الكويت: بين المشروع وإعادة النظر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الإحساس قد يكون نقمة الإحساس قد يكون نقمة



النجمة درة بإطلالة جذّابة وأنيقة تبهر جمهورها في مدينة العلا السعودية

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 00:51 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

قصة عِبَارة تشبه الخنجر

GMT 23:32 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

تداعيات انتهاء حرب غزة على لبنان

GMT 00:35 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

تسمم بمادة كحولية يودي بحياة 4 أشخاص في تونس

GMT 10:10 2024 الأحد ,12 أيار / مايو

عدسات لاصقة "ذكية" لكشف أمراض العيون

GMT 06:44 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

موجة حر في المكسيك تحصد العديد من الأرواح

GMT 03:05 2024 الإثنين ,13 أيار / مايو

حريق داخل القصر الجمهوري في الخرطوم
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab