سورية  ماء الانتخاب لن يطفئ إوار الحرب

سورية : ماء الانتخاب لن يطفئ إوار الحرب !

سورية : ماء الانتخاب لن يطفئ إوار الحرب !

 العرب اليوم -

سورية  ماء الانتخاب لن يطفئ إوار الحرب

حسن البطل

قل إن في سورية حرب وانتخاب. الانتخاب لن يخمد الحرب.. أو قل إن في سورية ماء الانتخاب ونار الحرب. الانتخاب لن يطفئ النار. وقل إن في سورية انتخابات تنافسية، لكنها "بين بشار وبشار" حسب تعبير لاذع لوزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس.
اليوم، أو غداً، سيعطي الانتخاب إحصائياته: نسبة المصوتين. نسبة توزيع الأصوات على ثلاثة (الرئيس ابن الرئيس ونكرتين). نسبة الفائز بأعلى الأصوات.. هذه حقيقة سورية في مرآة مهشمة (لا محدّبة ولا مقعّرة)، لأن أصحاب حق الاقتراع، رسمياً، هم 15 مليون ناخب من 24 مليون مواطن، علماً أن 60% من أصحاب حق الاقتراع يقيمون في مناطق تحت سيطرة النظام.
قبل إحصائيات الانتخاب، توالت (وتتوالى بعد الانتخاب) إحصائيات الخراب والحرب.. والهجرة إلى خارج البلاد (أكبر هجرة من بلد نسبة إلى عدد السكان) وهجرة لجوء أخرى داخلية (أكبر انتقال من مكان إلى مكان في بلد يخوض حرباً أهلية).
أعداد القتلى هي الأهم طبعاً، لكن الأعداد متضاربة بين عدد محاربي النظام وأنصاره (النظاميين والمؤازرين) وعدد قتلى المعارضة (المعارضات) وعدد القتلى المدنيين. النظام، كعادته، لا يتحدث عن ضحاياه أو ضحايا شعبه، بل عن قتلى المعارضة؟
لا مقارنة بين حرب في سورية وعليها، وبين غيرها من دول الربيع العربي.. إلاّ في حاجة أهل النظام وأهل الثورة (في مصر وليبيا وتونس) إلى إجراء انتخابات، لأن الحقيقة ذات الوجهين (والوجوه) بحاجة إلى لثام أو "نقاب" الشرعية، والشرعية ذات وجهين أيضاً. ما تقوله صناديق الاقتراع، وما يقوله العالم عن نتيجة الصناديق.
قبل العالم نتيجة الصناديق في تونس ومصر، ولم يقبل، بعد، نتيجة الصناديق في ليبيا، ولا مفرّ له من الاعتراف بنتيجة الصناديق في العراق (أول انتخابات بعد انسحاب الجيوش الأميركية).
مسبقاً، لا يبدو العالم الغربي (الديمقراطي) سيقبل نتيجة صناديق سورية، ولا المعارضة ـ المعارضات السورية، الأصلية منها والوافدة، ستقبل بالنتيجة. هذا يعني أن الانتخاب السوري لن يكون مدخلاً إلى حسم الحرب أو الاستقرار، وهذا الأخير سبب رئيس من أسباب نسبة التأييد المتوقعة لانتخاب هو بمثابة "تجديد بيعة" لرئيس النظام، قبل أن يكون للنظام.
في تونس ومصر، واليمن أيضاً، والعراق طبعاً، غيّرت الثورة النظام، وأطاحت برأسه، لكن الأمر مختلف في سورية العصية أبداً، حيث عدّل النظام الدستور بجرة قلم وباستفتاء، وبدلاً من "رئيسنا إلى الأبد" سيتولى الرئيس ابن الرئيس "إلى الأبد" حافظ الأسد ولاية رابعة.
يبدو أن ناخبي رأس النظام من السوريين غفروا له خطاياه في تحويله أروع انتفاضة شعبية سلمية في دول الربيع العربي إلى حرب أهلية فإقليمية وعالمية؛ وغفروا له أن الحزب الحاكم كان يستطيع وقف تطور الحرب لو اختار رئيساً آخر من الحزب ذاته، مثل نائب الرئيس فاروق الشرع الغائب، صوتاً وصورة، منذ عامين. هناك مبالغات في طائفية النظام.
سورية صارت قائدة "محور الممانعة" الإقليمية والدولية بعد أن كانت قائدة "دول المواجهة" العربية، لكن النظام لم يقبل تسوية في شبيرز تاون مع إسرائيل، كانت ستوفر عليه هذه الحرب، ولم يذهب إلى حرب مع إسرائيل لاسترداد الجولان كانت ستوفر على البلاد كل هذا الخراب والدمار الأكبر من خراب حرب مع إسرائيل.
لماذا تناسى الناخب السوري للرئيس، أو "البيعة" له، خطايا النظام؟ لأن خطايا المعارضة كانت أكثر مدعاة للنفور، فهي فشلت في تشكيل معارضة ائتلافية أو "جبهة"، رغم محاولات إقليمية ودولية لذلك، ثم فشلت في إدارة الحرب، وإيجاد إدارة موازية تكون أقل جوراً من إدارة جائرة للنظام.
لعل السبب الأول لمعارضة معظم السوريين للمعارضة أن السوريين تربُّوا، تاريخياً، على نزعة وطنية استقلالية، هذا بينما يبدو للسوريين أن بعض المعارضة حليفة أو عميلة لقوى دولية وإقليمية، وبعضها الآخر أداة وأدوات لحركات الإسلام المتطرف، و"أنصار الشريعة"، وهذا يخالف النزعة الاستقلالية السورية، كما يخالف الاتجاه الوسطي للإسلام السوري.
النظام السوري في الحكم منذ 50 سنة وهي أطول فترة هدوء في تاريخ سورية المستقلة، باستثناء بعض الخضّات والأزمات. هذا يعني أن النظام حقق لسورية استقراراً طويلاً، ومن ثم صارت سورية نموذجاً لدولة عربية ذات فروع اقتصادية متوازنة نسبياً: زراعية، صناعية، تجارية.. وسياحية أيضاً، خلاف دول عربية تعتمد على مصدر واحد رئيسي، مثل النفط، أو السياحة أو الزراعة.
هذا لا يعني أن ثورة سلمية، جميلة ورائعة في بداياتها، وتلتها حرب مدمرة وبشعة، لن تغيّر وجه النظام ولو بعد انتهاء الحرب، لأن سطوته على الشعب قد انهارت، لكن المعارضات المتعارضة لم تتفق على نظام بديل لنظام قمع الثورة السلمية.
كانت سورية "لعبة أمم" في الفترة بين استقلالها وبين وحدتها مع مصر، لكنها كانت "جوزة صلبة" في هذه اللعبة، بدليل عصيانها منتصف الخمسينات، على الانخراط في "حلف بغداد ـ السنتو" من إيران ـ الشاه، وتركيا العسكر، والعراق الموالي للغرب.
منذ تسلم حزب البعث حكم سورية، بعد فوضى وانقلابات، جعل الرئيس الأسد سورية لاعباً إقليمياً وحتى دولياً، وأتاح له حكم طويل من الاستقرار بناء سورية الحديثة، جامعاً بين أسلوب الحجّاج بن يوسف الثقفي، وأسلوب معاوية بن أبي سفيان. وبالفعل، كان معظم السوريين ينتخبون الأسد الكبير لأنه حقق للبلاد الاستقرار والتنمية معاً على حساب الديمقراطية، لكن مسألة توريث الحكم كانت غلطة الأسد الكبير، لأنه كان يستطيع اختيار استمرار الحزب الحاكم بدلاً من اختيار ولد ثم ولد آخر لوراثته.
سورية تنوس بين الخطأ والخطيئة إلى ما شاء الله!؟

 

 

arabstoday

GMT 06:27 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

آخر الرحابنة

GMT 06:25 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حلّ الدولتين... زخمٌ لن يتوقّف

GMT 06:22 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

«أوبك» تستشرف مستقبل النفط حتى عام 2050

GMT 06:20 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

حديث الصيف: أيام العرب في الجاهلية

GMT 06:18 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

إسرائيل والغضب العالمي

GMT 06:16 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

المسكّنات وحدها لا تكفي

GMT 06:13 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

تسليعُ المهاجرين

GMT 06:11 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

إسرائيل وسؤال هُوية اليهود!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

سورية  ماء الانتخاب لن يطفئ إوار الحرب سورية  ماء الانتخاب لن يطفئ إوار الحرب



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:44 2025 الثلاثاء ,29 تموز / يوليو

فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة
 العرب اليوم - فرنسا تندد بمقتل ناشط فلسطيني في الضفة

GMT 01:17 2025 الإثنين ,28 تموز / يوليو

روبيو يحدد "الحل البسيط" لإنهاء الحرب في غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab