الثورة الإسلامية وقد صارت نظاماً وليس دولة

الثورة الإسلامية وقد صارت "نظاماً".. وليس دولة

الثورة الإسلامية وقد صارت "نظاماً".. وليس دولة

 العرب اليوم -

الثورة الإسلامية وقد صارت نظاماً وليس دولة

علي الأمين

أحدثت الثورة الإسلامية في إيران العام 1979 يقظة في الخطاب الإسلامي حول العالم العربي والعالم الاسلامي عموماً. بل بشّر خطاب الثورة في بداياته بطريق ثالث في العالم، الذي كان يتململ من "ثنائية" النظام الرأسمالي والنظام الشيوعي. ثورة الشعب الإيراني، بقيادة الإمام الخميني، بشعارتها التي أطلقتها، وأبرزها عنوان "ثورة المستضعفين على المستكبرين"، خاطبت إرادة الشعوب في التخلّص من أنظمة الاستبداد. ونخبة الثورة، التي أمسكت بالسلطة، قدّمت نفسها لشعبها وللمستضعفين على اعتبارها من سيصوغ نموذج الخيار الثالث في العالم: "لاشرقية لا غربية جمهورية إسلامية".

لا يمكن في سياق قراءة سريعة لملامح تجربة الثورة الاسلامية في إيران، بالذكرى السادسة والثلاثين لنجاحها في إسقاط حكم شاه إيران محمد رضا بهلوي، أن نتحدّث عن نجاح هذه التجربة، ولا أن نبني على إخفاقها. لكن يمكن القول إنّ الثورة الإسلامية، بوصفها ايديولوجيا في هذا البلد العريق بحضارته، كانت وصفة إيرانية داخلية لاستلام الحكم وإدارته، أكثر من كونها مشروعاً فكريا له بعد أممي، كما يمكن ان توصف التجربة الماركسية والاشتراكية أو الأنظمة الرأسمالية والليبرالية. بل اكثر من ذلك هي لم تقدّم نموذجا قابلاً للتطبيق في أيّ مكان آخر خارج ايران. فالنظام الذي قامت عليه التجربة الاسلامية هو نظام الخصوصية المذهبية الشيعية وخصوصية ولاية الفقيه تحديدا داخل هذا المذهب.

الأيديولوجيا الإسلامية الإيرانية خلال أربعة عقود تقريبا افتقدت لأدوات معرفية على مستوى العالم العربي والاسلامي والعالم. لذا لم تجد أرضاً تحتضن هذا الخطاب الايديولوجي خارج المكوّنات الشيعية المأزومة. فالذي انخرط في هذه الايديولوجيا هم من لديهم أزمة هويّة، وأزمة اعتراف. لذا بقي الخطاب الإسلامي الإيراني محصوراً ضمن الدائرة المذهبية الخاصّة. ولم تستطع التجربة الإسلامية أن تقدّم شيئاً في الطريق الثالث الذي بشّرت به، رغم التململ الذي أشرنا إليه.

وككثير من الثورات عندما تفشل الايديولوجيا يتقدّم مشروع السلطة والنظام عبر شبكة مصالح تحميهما ويحتميان بها. فالنظام الإسلامي لم يبرهن حتّى الآن أنّه دولة بالمعنى الذي يمكن أن يتغيّر خلاله نظام الحكم من دون أن تتفكّك مؤسّسات الدولة وأجهزتها. فالنظام في إيران ذو طابع شمولي، وليّ الفقيه هو سقف النظام وشرعيته من الله وليس الشعب، وكلمة الفقيه تعلو على كلمة الشعب، باعتباره نائب الإمام الغائب. على سبيل المثال استوعبت علمانية النظام التركي حزباً إسلاميا يحكم تركيا. أما النظام الإسلامي في إيران فلا يحتمل وصول حزب إسلامي لا يعتقد بولاية الفقيه إلى السلطة. هنا الفرق بين الدولة والنظام. في تركيا دولة وفي إيران نظام.

من هنا تشكّل قضية الاعتراف بالنظام الإيراني الإسلامي نقطة محورية في الحوار مع الغرب. فإيران تريد أن تنتزع اعترافاً غربياً بالنظام وليس بالدولة. وهذا بدأ يبرز في السياسة الايرانية منذ اقرّت القيادة الايرانية بأنّ خيار الطريق الثالث قد فشل... وحين انتقلت الأيديولوجيا الإسلامية من مشروع التغيير الثوري الإسلامي، إلى مشروع (كان حاضراً في الأصل لكن صار هو المشروع الوحيد) نظام إسلامي إيراني تحكمه شبكة مصالح محلية وخارجية، ويقوم على شروط الأمن القومي الإيراني.

الشروع في مفاوضة الاميركيين بعد مرحلة شيطنتهم، والاندفاع من موقع الندّية الإيرانية إلى التعاون مع الدول الغربية، كانا إشارة واضحة إلى أنّ إيران تريد الانخراط في النظام الدولي الذي طالما اعتبرته نظاما معادياً، والمواجهة معه مفتوحة. وقد برعت ايران في عملية التقارب مع الغرب، بالذهاب بعيداً في اعتماد اللغة البراغماتية التي تحبّذها واشنطن للتعامل مع إيران. فالقيادة الإيرانية تدرك أنّ الغرب لن يقدّم لإيران اعترافاَ مجّانياً، لذا كانت سياسة خلق الأمر الواقع، التي تفشّت في السياسة الإيرانية خلال السنوات الاخيرة، هي السياسة التي اعتمدتها بقوّة في سياق حوارها مع الغرب. بالضبط كما هو حاصل اليوم في اليمن والعراق ولبنان على سبيل المثال لا الحصر. وهي استراتيجية "بناء معطيات أمر واقع"، ثمّ المفاوضة عليها بشروط الأمن القومي الإيراني.

الإيديولوجيا الإيرانية تثبت حتّى الآن أنّها حقّقت خطوات مهمة في حوارها مع واشنطن. فهي تخاطبها بلغتها، مدركة أنّه من خلال تمدّدها ونفوذها على قاعدة الخصوصية المذهبية، توفر لنفسها فرص الاعتراف الدولي بها وبنفوذها. لا سيما أنّ النظام الايراني، بأيديولوجيا "نصرة المستضعفين"، قد أُصيب بنكسة أخلاقية. فهذا المشروع الأيديولوجي، الذي قام على نصرة المسلمين والمستضعفين في الأرض، تورّط في تأييد أكثر أنظمة الحكم إجراماً واستبداداً وأكثر الأنظمة العربية بعداً عن الإسلام الذي طالما بشّرت به الثورة الاسلامية.

arabstoday

GMT 12:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

صدقوني إنها «الكاريزما»!

GMT 11:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

GMT 11:50 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

النار في ثياب ترامب

GMT 11:40 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

.. وفاز ممداني

GMT 11:07 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

التاريخ والجغرافيا والمحتوى

GMT 10:59 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مرة أخرى.. قوة دولية فى غزة !

GMT 10:56 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

حلم المساواة

GMT 10:24 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

عرفان وتقدير

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثورة الإسلامية وقد صارت نظاماً وليس دولة الثورة الإسلامية وقد صارت نظاماً وليس دولة



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة
 العرب اليوم - إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 10:05 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير
 العرب اليوم - ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير

GMT 10:58 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مرقص حنا باشا!

GMT 10:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

سجن إلهام الفضالة بسبب تسجيل صوتي

GMT 21:03 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمير هاري يبعث رسالة خاصة لأبناء بلده من كاليفورنيا

GMT 04:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

وزير إسرائيلي يدعو لمناقشة تعاظم قوة الجيش المصري

GMT 22:11 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

تفاصيل خطة تشكيل القوة الدولية لحفظ الأمن في غزة

GMT 05:00 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تعلن تسلمها رفات رهينة ونقله إلى معهد الطب الشرعي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab