عواصم الحضارة الإنسانية ونفايات الأنظمة الطائفية

عواصم الحضارة الإنسانية ونفايات الأنظمة الطائفية

عواصم الحضارة الإنسانية ونفايات الأنظمة الطائفية

 العرب اليوم -

عواصم الحضارة الإنسانية ونفايات الأنظمة الطائفية

طلال سلمان

بينما تنهمك كبريات دول العالم، شرقاً وغرباً، بالتداعيات السياسية والاقتصادية للاتفاق النووي الإيراني، تبدو الدول العربية غائبة عن الوعي وعاجزة عن التأثير، تقبع في موقع الغنيمة يتوزعها المتفاهمون في غيابها، مشغولة بحروبها الداخلية انشغال اللبنانيين بنفاياتهم وخلافاتهم حول مواقع المطامر وهوياتها الطائفية والمذهبية.
وكما أن خلف النفايات والمطامر في لبنان صفقات مالية هائلة تسهل تغطيتها بإثارة العصبيات الجهوية التي تستبطن الطائفيات والمذهبيات، فإن خلف الغياب العربي عن دوائر التأثير، بالسلب والإيجاب، انهماك الأنظمة القائمة بقوة الأمر الواقع في معارك تثبيت سلطتها بالاستناد إلى الإثارة الطائفية والمذهبية بعد اندثار العمل السياسي بأحزابه ذات العقائد التي كانت ذات يوم «مقدسة».

إن المشاهد التي تنقلها وسائل الإعلام، على مدار الساعة، من عواصم التاريخ في الأرض العربية والمدن التي كانت حاضنة الفكر والثقافة والعلوم عالمياً، تثير مكامن الحزن إضافة إلى الإشفاق على حالة العجز المطلق التي تعيشها شعوب هذه الأرض في جحيم الحروب الأهلية التي دمرت العمران وحوّلت المدن إلى خرائب يعيش أهلها بين أكوام الحطام والنفايات التي تستدرج من تبقى فيها من سكانها للبحث فيها عما قد يقيتهم أو يقيم أودهم، في انتظار الفرج الذي لا يأتي.

يمكنك أن تبدأ من صنعاء البعيدة ومعها مأرب فإلى عدن ومن ثم إلى بغداد والرمادي والموصل فإلى حلب وحمص ودرعا والشام بغوطتها الفيحاء، وصولاً إلى بنغازي وطرابلس في ليبيا ثم إلى تونس التي طالت تفجيرات القتل بالتعصب الأعمى المتاحف والمسابح في العاصمة ومن حولها وهرّبت السياح، وهم بعض أهم مصادر الدخل الوطني.. أما إذا وسّعت جولتك على أسباب العمران ومعاهد العلم ومراكز التنوير وبيوت النغم التي كانت تخرّج أهل الفن، موسيقى وغناء وتواشيح دينية فلن تجد إلا خرائب بعد نهب منجزات الحضارة الإنسانية التي لها عصاباتها التي تشترك في «استثماراتها» «داعش» مع بعض أهل النظام والسماسرة ذوي السمعة الدولية.
اندثرت الأحزاب التي كانت تحمل راية التغيير بعدما ابتلعتها السلطة بالعسكر، وتهاوت الجمهوريات معيدة الاعتبار إلى العائلات المالكة بالسيف وشيوخ الانقلاب على الآباء، بعدما عزز النفط والغاز مواقعها، وألغى احتمال أن يكون «الأهالي» فيها شعوباً ذات حقوق في ثروات بلادها، ما دام النظام يقدم من «الترّهات» ما يكفي «رعاياه» ويوهمهم بأنهم في أفضل حال قياساً إلى «أمثالهم في دول الجوار».

إن النفايات قد تكون من مقدمات الحرب الأهلية في بلد كلبنان، يمنع نظامه أهله من أن يكونوا مواطنين ويستبقيهم رعايا لطوائفهم وزعامات هذه الطوائف التي تغدو مولدة الرؤساء والوزراء والنواب والقضاة والموظفين وصولاً إلى الحجّاب.

فالنفايات بحسب طائفة من «أنتجها» ورماها في الشارع... ولا يجوز لنفايات هذه المنطقة، بطائفتها، أن ترمى في خراج منطقة أهلها من طائفة أخرى أو مذهب مختلف.
ففي لبنان تحوّل الطائفية السياسية النفايات والمطامر إلى «قضايا سياسية» تحتل موقع الأولوية في الصراع، متقدمة على موضوع البطالة السياسية التي يعيشها هذا الوطن الصغير بلا رئيس لجمهوريته ـ كونفدرالية الطوائف، ولا مجلس نيابي برغم أن نوابه الأبديين يتقاضون بوزارة أو من دونها.. رواتب بطالتهم ومخصصاتهم وفيها السيارة والسائق والمرافقون والحرس وبدل حضور الجلسات التي لا يكتمل نصابها!
وهكذا يعيش العرب وسط أكوام من النفايات إما كنتيجة لحروب تدخل تحوّلت إلى حروب أهلية، أو كمقدمات لحرب أهلية قد تكون في الطريق إلى بلد الجمال والسحر الحلال والإبداع والخلق الفني، جنة السياح والمصطافين والمهرّبين والمزوّرين والزعامات الأبدية التي تفوقت على الأسر المالكة في أربع رياح الأرض العربية!

 

arabstoday

GMT 08:00 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الفوسفات والذنيبات والمسؤولية المجتمعية تصل البربيطة

GMT 07:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عفواً سيّدي الجلاد

GMT 07:56 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أبو دلامة وجي دي فانس

GMT 07:54 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

نزع السلاح أولوية وطنية

GMT 07:53 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

الدول الكبرى تُشهر«سلاح النفط» في سياساتها

GMT 07:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

عندما يطغَى الفُجور في الخصومة

GMT 07:48 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ما تحتاجه سوريا اليوم

GMT 07:47 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

من الساحل إلى الأطلسي: طريق التنمية من أجل الاستقرار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عواصم الحضارة الإنسانية ونفايات الأنظمة الطائفية عواصم الحضارة الإنسانية ونفايات الأنظمة الطائفية



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:13 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تدعو إسرائيل للسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة
 العرب اليوم - واشنطن تدعو إسرائيل للسماح للصحفيين الأجانب بدخول غزة

GMT 06:43 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

إعادة فتح مطار بروكسل بعد توقف مؤقت نتيجة رصد طائرات مسيرة
 العرب اليوم - إعادة فتح مطار بروكسل بعد توقف مؤقت نتيجة رصد طائرات مسيرة

GMT 01:38 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه
 العرب اليوم - أحمد حلمي وهند صبري في أول تعاون سينمائي بأضعف خلقه

GMT 06:52 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

إنقاذ السودان تأخر كثيرا

GMT 07:48 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ما تحتاجه سوريا اليوم

GMT 05:32 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

طرق ذكية لتعليق اللوحات دون إتلاف الحائط

GMT 18:03 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 30 امرأة بمسيرة استهدفت "تجمع عزاء" شرق الأبيض بالسودان

GMT 06:26 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ستة مشروبات طبيعية لتعزيز صحة الدماغ والذاكرة

GMT 03:58 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تطرح مشروع قوة في غزة بإشراف إسرائيلي

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 06:47 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

ظاهرة فاروق حسنى!

GMT 05:36 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

خبراء ديكور يكشفون عن 5 ألوان يجب تجنّبها في خزائن المطبخ
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab