ما الذي فتح شهية بوتين في أوكرانيا

ما الذي فتح شهية بوتين في أوكرانيا؟

ما الذي فتح شهية بوتين في أوكرانيا؟

 العرب اليوم -

ما الذي فتح شهية بوتين في أوكرانيا

خيرالله خيرالله

لن يستطيع باراك أوباما أن يفعل شيئا مع فلاديمير بوتين في اوكرانيا. قرّر بوتين تقسيم أوكرانيا واستعادة القرم منها. استعاد الهدية التي قدّمها نيكيتا خروشوف الى أوكرانيا في العام 1954. كانت أوكرانيا وقتذاك جمهورية من جمهوريات الاتحاد السوفياتي وكان خروشوف قبل أن يصبح أمينا عاما للحزب الشيوعي السوفياتي المسؤول الحزبي في أوكرانيا. تركت تجربته الحزبية فيها أثرا طيبا لديه. أراد ردّ الجميل لأوكرانيا، فكانت الهدية التي اسمها القرم. لم يكن أمام الرئيس الروسي من خيار آخر غير استعادة القرم حيث ميناء سيباستوبول الذي يرسو فيه الاسطول الروسي. تمثّل سيباستوبول المياه الدافئة بالنسبة الى روسيا. من دون القرم، سيكون الاسطول الروسي كلّه في أسر الجليد طوال ستة أشهر من السنة. لو تراجع الرئيس الروسي في أوكرانيا ولم يمض في الاستفتاء الذي كانت نتيجته معروفة، لكان خسر عرشه في الكرملين. استخدم خروشوف أوكرانيا والقرم لتأكيد جبروت الاتحاد السوفياتي ومدى سيطرته على الجمهوريات التي كانت تضمّها القوّة العظمى الثانية في العالم. كان يريد القول أن لا فارق بين روسيا وأوكرانيا. ما لأوكرانيا لروسيا وما لروسيا لأوكرانيا. كان يريد توجيه رسالة فحواها أن هناك قناعة لدى الأوكرانيين بأنّهم جزء لا يتجزّأ من النجاح والثقة بالنفس والايمان بالمستقبل. كان خروشوف الذي بقي فلاحا، بالمعنى السياسي للكلمة، يظنّ ان الاتحاد السوفياتي هو القوة الصاعدة على الارض وأنه النموذج الذي يرمز الى النجاح السياسي والاقتصادي في العالم وأن المسألة مسألة سنوات قليلة تفصله عن التفوّق على الولايات المتحدة في كلّ الميادين. من يتذكّر أن الاتحاد السوفياتي في عهد خروشوف كان أول من أرسل انسانا الى الفضاء. كان ذلك في العام 1961 وكان اسم هذا الرائد الفضائي يوري غاغارين الذي قتل في حادث تحطّم طائرة حربية في السنة 1968. في عزّ الحرب الباردة، في العام 1954 قدّم خروشوف القرم الى أوكرانيا بهدف تكريس واقع جديد يتمثّل في وجود قوة عظمى هي الاتحاد السوفياتي لا فارق فيه بين جمهورية وأخرى. في السنة 2014، يسترجع فلاديمير بوتين الهدية ليقول أن روسيا قادرة على تكريس واقع جديد وأنها لا تزال موجودة وأنها قادرة على تحدي الولايات المتحدة وأوروبا والتهديد بالعقوبات وأن تستند الى القانون الدولي، بالمفهوم الروسي، كي تعيد الرابط بين روسيا وشبه جزيرة القرم. يسعى بوتين الى تأكيد أن روسيا قويّة وأن هناك مناطق لا يمكن أن تخرج من دائرة نفوذها على الرغم من خسارتها دول اوروبا الشرقية التي صارت، أو أنها على طريق أن تصير، جزءا من الاتحاد الاوروبي وحلف الاطلسي. بعد ربع قرن على انهيار جدار برلين في تشرين الثاني- نوفمبر 1989، الذي كان بداية انهيار الاتحاد السوفياتي، يتحدى فلاديمير بوتين العالم على طريقته. يحاول الرئيس الروسي توجيه رسالة فحواها أن بلاده في طريق الشفاء النهائي من عقدة النهاية التي انتهى بها الاتحاد السوفياتي. الفارق، أنّه لم تعد موسكو تمتلك من الثقة بالنفس ما يسمح لها بتقديم هدايا. صار عليها اثبات الثقة بالنفس عن طريق استرجاع الهدايا... ليس مستبعدا أن ينجح بوتين في فرض أمر واقع في أوكرانيا. هذا ليس عائدا الى أن بلده قادر على تحمّل العقوبات الاميركية والاوروبية فحسب، بل هو عائد أيضا الى أن ليس ما يشير الى رغبة أميركية حقيقية في الرد على خطوة استعادة روسيا للقرم، أي لجزء من أوكرانيا. ما الذي فتح شهية فلاديمير بوتين؟ الجواب بكلّ بساطة أن الرئيس باراك أوباما ليس في وارد الدخول في أي مواجهة من أي نوع كان مع أي قوة في العالم أكانت صغيرة أم كبيرة. امتحنت روسيا الولايات المتحدة في سوريا. تبيّن لها أن ليس لدى اوباما أي رغبة في احترام الخطوط الحمر التي يحددها لأيّ كان وفي أي مكان من العالم. كان التراجع الاميركي أمام النظام السوري الصيف الماضي نقطة تحوّل على الصعيد الاقليمي والعالمي. منذ تراجعت ادارة أوباما عن توجيه ضربة الى النظام السوري بعد استخدامه السلاح الكيميائي في قمع شعبه، سقطت كلّ الخطوط الحمر التي يتحدّث عنها أوباما. تبيّن أن الرئيس الاميركي شخص غير جدّي وأن الكلام عن أميركا جديدة مختلفة كليا عن تلك التي انتصرت في الحرب الباردة  كلام في محلّه. أخذ بوتين علما بوجودأميركا الجديدة. قرّر التعامل مع أوباما على حقيقته وليس مع أوباما الذي يحاول أن يصوّر نفسه زعيما للقوة العظمى الوحيدة في العالم. بكلام أوضح، كشف أوباما في اليوم الذي قرّر فيه الاكتفاء بتسليم النظام السوري ما يمتلكه من سلاح كيميائي، أن روسيا تستطيع أن تفعل ما تريد في سوريا وأن النظام فيها بات قادرا على ذبح شعبه بالبراميل المتفجرة بدل قصفه بالسلاح الكيميائي. ما الفارق بين السلاح الكيميائي والبراميل المتفجرة ما دامت النتيجة المبتغاة هي نفسها. والنتيجة تتمثّل في قتل السوريين الباحثين عن حدّ ادنى من الحياة الكريمة والحرّية. من المبكر القول ان روسيا هي الاتحاد السوفياتي. لكنّ الاكيد روسيا ليست قوة عظمى.كلّ ما في الأمر أنها لم تعد تجد من يردعها. ما فعله أوباما في سوريا فتح شهية بوتين في أوكرانيا. الى أي مدى يمكن أن يذهب قيصر الكرملين الجديد في طموحاته؟ يصعب عليه الذهاب بعيدا. عادلا أم آجلا سيأتي من يذكّره بأن العالم تغيّر وأن الاقتصاد الروسي ليس أفضل حالا مما كان عليه الاقتصاد السوفياتي. في الانتظار سيدفع الشعب السوري ثمنا غاليا جراء وجود رئيس أميركي لم يعد يوجد من يأخذ خطوطه الحمر على محمل الجدّ!

arabstoday

GMT 17:22 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

وهل كنا نعيش في المدينة الفاضلة؟!

GMT 17:21 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حكاياتي مع السيجارة

GMT 15:26 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

ترامب في الجامع.. رسالة التسامح والسلام

GMT 15:23 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

مِن رَوَائِعِ أَبِي الطَّيِّب (50)

GMT 15:20 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

إنقاذ سوريا

GMT 10:33 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

آخر اختبار لأخلاق العالم

GMT 03:11 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

حياة عادية

GMT 03:09 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

ياسمين حسان ياسين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ما الذي فتح شهية بوتين في أوكرانيا ما الذي فتح شهية بوتين في أوكرانيا



النجمات العرب يتألقن بإطلالات أنيقة توحّدت تحت راية الأسود الكلاسيكي

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:11 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

أحمد سعد يعلّق على نجاح حفله في أستراليا
 العرب اليوم - أحمد سعد يعلّق على نجاح حفله في أستراليا

GMT 02:41 2025 الثلاثاء ,20 أيار / مايو

هذه القصة المُحزنة

GMT 00:26 2025 الإثنين ,19 أيار / مايو

غوتيريش يطالب بوقف إطلاق نار دائم في غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab