جريمة باريس والحجج السقيمة

جريمة باريس والحجج السقيمة

جريمة باريس والحجج السقيمة

 العرب اليوم -

جريمة باريس والحجج السقيمة

حازم صاغية

لم يُنسب إلى منفذي جريمة باريس بحق مجلة «شارلي إيبدو» التهكمية إلا القول إنهم يثأرون للرسول وهتافهم «الله أكبر» بالعربية. لكن بعضنا، وفي هذا البعض كتّاب وناشطو تواصل اجتماعي وقراء معلقون على مقالات وعلى مقطوعات صحافية أو تلفزيونية، آثروا أن يتبرعوا للمجرمين بحجج لم يأتوا هم على ذكرها، حججٍ أغلبها غريب عن عالمهم الإرهابي البسيط.

وهذه أشكال مواربة في التغطية على الجريمة، إن لم يكن تجميلها، يتحكم بها شعور بالوحدة بين الكل والكل في ربوعنا. غير أن نظرة سريعة واحدة إلى الحروب الأهلية الدائرة في عوالم العرب والمسلمين تلون تلك الوحدة بلون مَرضي مستعص.

فإذا وضعنا جانباً اتهام الصهيونية واتهام فرنسا وأميركا، وطبعاً «الأجهزة»، تصدرت الحججَ السقيمةَ تلك التي تقول «إنهم» هم الذين جنوا على أنفسهم. وثمة من ذكر بحرب مالي، ومن ذهب أبعد فذكر باحتلال الجزائر، وطبعاً كان لفلسطين حصتها الراسخة في التذكر والتذكير. وحتى لو وافقنا على إعادة الأمور إلى استعمار مرت حقبته وانقضت علينا وعلى غيرنا في هذه المعمورة، فلماذا يُستهدف صحافيون، ولا يُستهدف عسكريون أو موظفون رسميون أو ديبلوماسيون يعملون لمصلحة الحكومة الشريرة؟

لا بأس بالقول إن الإرهابيين الذين اقتصر قولهم على التكبير والثأر للرسول أصدق من الذين يقدمون لهم الحجج، كما أنهم أقل عنصرية بدليل أن المُبررين أشد فصاحة وتماسكاً في وضعهم كل فرنسا، وفي المقدمة صحافيوها، في كفة الشر الذي لا يحول، مقابل وضعنا نحن، كلنا، في كفة الخير الذي لا يكف عن تصويب التاريخ.

وهناك أيضاً ما يقال من أن الساخرين يسخرون من الإسلام ولا يسخرون من المحرقة المنزهة دوماً عن السخرية. والحال أن ثمة خلافاً عميقاً هنا في ما يخص «الأحاسيس» و»جَرحها». فالمعتقدات والمقدسات، في نظر رسامي المجلة الفرنسية وفي قانون بلدهم الذي يتقيدون به، أحاسيس قابلة لأن تُجرح. والقائل برأي كهذا يسعه أن يستشهد بالتجارب الكثيرة للرسل والأنبياء أنفسهم ممن جرحوا الأحاسيس والمشاعر التي كانت سائدة في زمنهم. وبعد كل حساب، هل كان لدعواتهم أن ترى النور لو تجنبت جرح تلك المشاعر والأحاسيس؟. أما السخرية من مرارات إنسانية لا تزال طرية العهد، ضحاياها يمتون بصلات قرابة أو صداقة مع الأحياء، فهذه مسألة أخرى. فموسى، بحسب هذه النظرة، يقبل السخرية، لا المحرقة، والقادة المتناحرون في حروبهم الأهلية تجوز عليهم سلاطة اللسان التي تجوز على الآراء التي ينشرونها، إلا أنها لا تجوز على ضحايا تلك الحروب.

ويقال أيضاً: فليذوقوا ما ذقناه ونذوقه من ألم. والحال أنهم ذاقوا أكثر من ذلك في تاريخهم على مدى مئات السنين. إلا أن أحداً هناك، بمن في ذلك العنصريون، لا يقول إن علينا أن نذوق ما ذاقوه في تاريخهم ذاك.

ما من شك في أن ثمة إسلاموفوبيا في عالمنا الراهن، بما فيه بلدان الغرب ذاتها. لكن ما من شك أيضاً في أن هذه الأخيرة هي وحدها التي تناقش هذه الظاهرات وتحللها وتندد بها.

وأغلب الظن أن إحباطنا الراهن بالثورات، أي بطلب الحرية التي كانت ستتيح لنا، نحن أيضاً، أن نناقش تلك الظاهرات ونحللها ونندد بها، هو ما يديم هذا العفن الذي نتلذذ بمذاقه.

arabstoday

GMT 10:48 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الداعية «قفة» وأبناؤه

GMT 10:19 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عرش ترامب!

GMT 10:17 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

التعليم وإرادة الإصلاح (1)

GMT 10:12 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حكاية الميلاد التي تجمع ولا تفرّق

GMT 10:11 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الظهيرُ الشعبي للمايسترو «محمد صبحي»!

GMT 10:07 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

الكرة والحداثة

GMT 10:03 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

السن.. والعمر !

GMT 10:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

حنظلة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جريمة باريس والحجج السقيمة جريمة باريس والحجج السقيمة



أجمل فساتين السهرة التي تألقت بها سيرين عبد النور في 2025

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 16:09 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة
 العرب اليوم - نتنياهو يعلن اعتراف إسرائيل بأرض الصومال دولة مستقلة

GMT 15:14 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

جوزيف عون يؤكد إجراء الانتخابات استحقاق دستوري

GMT 10:57 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارات جوية سعودية تستهدف قوات المجلس الانتقالي في حضرموت

GMT 09:32 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

المركزي المصري يخفض أسعار الفائدة 1% في آخر اجتماعات 2025

GMT 08:30 2025 الجمعة ,26 كانون الأول / ديسمبر

غارتان إسرائيليتان تستهدفان خان يونس جنوبي قطاع غزة

GMT 19:02 2025 الخميس ,25 كانون الأول / ديسمبر

عراقجي خصوم إيران يسعون لإثارة السخط عبر الضغط المعيشي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab