هل لدينا نظريّة عن التدخّل الأجنبيّ

هل لدينا نظريّة عن التدخّل الأجنبيّ؟

هل لدينا نظريّة عن التدخّل الأجنبيّ؟

 العرب اليوم -

هل لدينا نظريّة عن التدخّل الأجنبيّ

حازم صاغية

يتعلّق التدخّل الأجنبيّ، تعريفاً، بطرفين: الطرف الذي يتدخّل والطرف الذي يُتدخّل فيه، وهذا فضلاً عن الأطراف الثالثة التي يستهدفها التدخّل.
لكنّ ما يُلاحَظ أنّ مَن يتدخّل، أي الغرب عموماً والولايات المتّحدة خصوصاً، هو وحده الذي يناقش المسألة ويفكّر فيها ويتّخذ من المواقف ما قد يفيد أو يضرّ. وربّما كان الخطاب الأخير لباراك أوباما آخر المساهمات في هذا الجبل المتراكم من الآراء والسجالات، منذ عهد جورج بوش الأب، وخصوصاً في عهد جورج بوش الابن.
ففي عهد الأب، أثارت نهاية الحرب الباردة التي تزامنت مع حرب تحرير الكويت من صدّام حسين مسائل كالسيادة الوطنيّة وحدودها ومحدوديّتها. ثمّ كانت، في عهد الابن، حربا أفغانستان والعراق فانفجر النقاش حول «الليبراليّة الإمبرياليّة» و «التدخّل الإنسانيّ» ومدى التقاطع بين القيم والمصالح.
ولواحدنا أن يشكّك دوماً في أغراض النقاش، أو أن يعترض على هذا الملمح فيه أو ذاك. لكنّ الأمر الذي لا يرقى إليه الشكّ أنّ الطرف الآخر، أي المتدخَّل فيه، لم يناقش المسألة ولم يطوّر أيّة نظريّة في شأنها. وكما في مسألة العنصريّة، اقتصر النقاش على طرف واحد يوصف بأنّه مصدر العنصريّة، بينما الطرف الآخر الموصوف بأنّه ضحيّتها لم يعبأ بها إلاّ في حدود الهجاء.
وربّما إذا استثنينا البوسنة، حيث واكبت الانعطافة السياسيّة والإيديولوجيّة لعزت بيكوفيتش انعطافاً شعبيّاً ونخبويّاً أعرض، لم نسمع في أيّ من البلدان التي تعرّضت للتدخّل شيئاً يُذكر. فالتعامل مع الأمر إنّما تراوح بين حدّين، واحد تجسّده مناشدات السياسيّين للقادة الغربيّين بأن يتدخّلوا، وهي غالباً مناشدات مزدوجة المعنى والتأويل أو غير مقنعة في تمثيلها شعوبَها، والحدّ الآخر يعبّر عنه اللوم الأخلاقيّ والإنسانويّ للغرب الذي لا يتدخّل أو لا يتدخّل كما نحبّه أن يتدخّل. وعلى حواشي الحدّين هذين يظهر، بين وقت وآخر، تهليل بمواقف ساسة كجون ماكين ممّن «تحرّكت ضمائرهم». أمّا الباحث عن صياغة سياسيّة أو نظريّة للموقف فعن عبث يبحث، علماً بأنّ المسألة تعني شعوبنا عناية يصعب تضخيمها أو المبالغة فيها.
وليس من الصعب اكتشاف الأسباب الكامنة وراء التهرّب من مهمّة كهذه، وأبرزها البقاء في الوسط من كلّ شيء وعدم التورّط في مواقف يُشتمّ منها الانفصال عن أفكار ألفناها أو شعارات وأقوال قلناها في الماضي. فكيف وأنّ طلب التدخّل يصادم جبلاً من القناعات الصخريّة المتراكمة في رفض اختراق «الثغور»، كما يحرّك جرحاً نرجسيّاً إذ يكشف العجز الذاتيّ عن التغيير؟
وهذا حرص قد يكون مفهوماً، إلاّ أنّه يبرّر الحرص الغربيّ المفهوم أيضاً والذي يشرح نفسه في اعتبارات المصلحة والاقتصاد ورغبة السكّان المقترعين وسوى ذلك من عوامل لا يسع الدولة الديموقراطيّة أن تتجاهلها. فإذا كان المتدخَّل فيه حذراً لأسباب قد يجوز وصفها بالإيديولوجيّة، فلماذا لا يكون المتدخِّل حذراً لأسباب مادّيّة وملموسة؟
هكذا، وبدل تطوير الأفكار التي كانت لتُغري الرأي العامّ الغربيّ بالتدخّل، كما تغري حكوماته تالياً، تُركت الساحة للأفكار الانعزاليّة في الغرب، لا في أميركا وحدها ولكنْ أيضاً في أوروبا التي اقترعت مؤخّراً بما يعزّز الوجهة هذه.
وأمّا والحال هذه، فقد بات في وسع انعزاليّ غربيّ أن يستشهد بتجارب ثلاث، عراقيّة شهدت تدخّلاً كاملاً، وليبيّة شهدت تدخّلاً جزئيّاً، وسوريّة لم تشهد أيّ تدخّل. لكنّ التجارب الثلاث، على اختلافها، أفضت إلى نتائج متشابهة أبرزها تصدّر الطوائف والعشائر والجهات والإثنيّات، وانكشاف هلهلة النسيج الوطنيّ.

 

arabstoday

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:47 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:37 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 10:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

«تسونامي» اسمُه ممداني

GMT 10:33 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... حكاية الذَّهب والحرب والمعاناة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل لدينا نظريّة عن التدخّل الأجنبيّ هل لدينا نظريّة عن التدخّل الأجنبيّ



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 22:48 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

أفغانستان تؤكد فشل جهود السلام مع باكستان
 العرب اليوم - أفغانستان تؤكد فشل جهود السلام مع باكستان

GMT 21:22 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

جدل واسع في المغرب بسبب التكريمات المتكررة لليلى علوي
 العرب اليوم - جدل واسع في المغرب بسبب التكريمات المتكررة لليلى علوي

GMT 10:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:47 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

سجن إلهام الفضالة بسبب تسجيل صوتي

GMT 01:07 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى

GMT 04:38 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يتسلم جثة رهينة جديد من قطاع غزة

GMT 14:40 2025 الجمعة ,07 تشرين الثاني / نوفمبر

"غوغل" تتطلع للفضاء لبناء مراكز بيانات للذكاء الاصطناعي

GMT 05:52 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

انقطاع الكهرباء في أوكرانيا بعد هجوم روسي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab