ماذا بقي من أتاتورك

ماذا بقي من أتاتورك؟

ماذا بقي من أتاتورك؟

 العرب اليوم -

ماذا بقي من أتاتورك

بقلم : عبد اللطيف المناوي

فى العاشر من نوفمبر من كل عام، تتوقف الحياة فى تركيا عند التاسعة وخمس دقائق صباحًا. تقف السيارات فى الشوارع، يصمت الناس فى المكاتب والمدارس، ويغدو الصمت لحظة إجلال لزعيم لا يزال حضوره يثير الجدل بعد سبعة وثمانين عامًا على رحيله. مصطفى كمال أتاتورك لم يكن مجرد قائد عسكرى أسّس جمهورية على أنقاض إمبراطورية منهارة، بل كان مشروعًا لتغيير هوية أمة بأكملها. واليوم، بينما يحيى الأتراك ذكراه بمشاركة الرئيس رجب طيب أردوغان، يبدو السؤال أكثر إلحاحًا من أى وقت مضى: ماذا بقى من إرث أتاتورك فى تركيا القرن الحادى والعشرين؟

حين أعلن أتاتورك قيام الجمهورية عام 1923، كان هدفه إنقاذ ما تبقى من الوطن العثمانى المهزوم وتحويله إلى دولة حديثة تتطلع إلى الغرب. ألغى الخلافة، فصل الدين عن الدولة، استبدل الحروف العربية باللاتينية، ومنح المرأة حق التصويت والمشاركة العامة. كانت تلك الثورة أشبه بعملية جراحية جريئة لإعادة صياغة الشخصية التركية من مجتمع شرقى محافظ إلى أمة علمانية حديثة. كان يرى أن خلاص بلاده يكمن فى العلم والعقل، لا فى الماضى ولا فى الولاءات الدينية أو العرقية.

غير أن هذه الجمهورية التى وُلدت على يديه ظلت منذ ذلك الحين ساحة صراع بين رؤيتين: الأولى جمهورية أتاتورك العلمانية، والثانية تركيا الجديدة التى يسعى أردوغان إلى ترسيخها، إسلامية الهوية، قوية الحضور الإقليمى، لا تخجل من جذورها العثمانية. الشعار الذى رفعه أردوغان «القرن التركى» لم يكن صدفة، فهو أراد أن يكون مكملًا لأتاتورك لا وريثًا له فقط، وأن يقدم نفسه كزعيم يقود تركيا إلى «قرنها الثانى» مثلما قاد أتاتورك القرن الأول.

الأتراك اليوم منقسمون بين من يرى فى أردوغان تهديدًا لإرث الأب المؤسس، ومن يعتبره استمرارًا لتجربته بروح مختلفة. فبينما كان أتاتورك يريد دولة غربية الهوى، يسعى أردوغان إلى جعلها قوة وسطية توازن بين الشرق والغرب. لكن جوهر التناقض بين الرجلين ليس فقط فى اللغة السياسية، بل فى مفهوم الدولة نفسها: أتاتورك أقام دولة مؤسسات فوق الأديان، وأردوغان أعاد للدين حضوره فى السياسة والمجتمع، وفتح المجال أمام الخطاب الدينى كعنصر فى الهوية الوطنية الجديدة.

رغم ذلك، فإن أتاتورك لم يختفِ من الوعى التركى، بل بقى رمزًا للحداثة والانضباط والعقلانية. صورته فى المدارس والإدارات، وتمثاله فى الميادين، واللحظة الصامتة كل عام، كلها دلائل على أن تركيا لم تتخلّ عن مؤسسها، حتى وإن اختلفت مع بعض أفكاره. أما أردوغان، فهو يدرك أن مواجهة الإرث الكمالى بشكل مباشر ستثير مقاومة شعبية، لذلك تبنّى سياسة «الاستيعاب» لا «الإلغاء»: إعادة تفسير إرث أتاتورك بما يخدم مشروعه. فبدلًا من الجمهورية العلمانية المحايدة، يقدم أردوغان «الجمهورية المحافظة» التى لا تنكر أتاتورك، لكنها تعيد تعريفه.

 

arabstoday

GMT 08:08 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نصيحة جدتي

GMT 08:06 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

«القاعدة» في اليمن... ليست راقدة!

GMT 08:05 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

إنه خريف السلاح رغم شيطنة التفاوض!

GMT 08:03 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف اخترق ممداني السَّدين؟

GMT 08:02 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

«كوب 30» ودور النفط في الاقتصاد العالمي

GMT 08:00 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

لحظة ساداتية لبنانية ضد الهلاك

GMT 07:58 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أمَا آن لهذا العالم أن يوقف الحروب؟

GMT 07:56 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

المفاجأة النيويوركية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ماذا بقي من أتاتورك ماذا بقي من أتاتورك



أنغام تتألق بفستان أنيق وتلهم عاشقات الأناقة في سهرات الخريف

القاهرة - السعودية اليوم

GMT 17:52 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا
 العرب اليوم - المتحف المصري الكبير يجذب 19 ألف زائر يوميا

GMT 01:14 2025 الثلاثاء ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم
 العرب اليوم - بسمة وهبة تدعم زوجة كريم محمود عبد العزيز وتشير لنهايتهم
 العرب اليوم - نتنياهو يؤكد استمرار الحرب ويشير إلى محاولة حماس استعادة قوتها

GMT 07:18 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان .. وأمن مصر القومى !

GMT 01:07 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

دواء جديد يحمي مرضى السكري من تلف الكلى

GMT 16:44 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

اليابان تحذر من تسونامي يهدد مقاطعة إيواتي الشمالية

GMT 15:46 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

علماء يكتشفون مفتاح إطالة عمر الإنسان عبر الحمض النووي

GMT 15:59 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

تجنب سماعات الرأس ليلا للحفاظ على صحة الدماغ والسمع

GMT 20:04 2025 الأحد ,09 تشرين الثاني / نوفمبر

الحليب والسلوى

GMT 08:38 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

إصابات بقصف مسيّرة إسرائيلية سيارة جنوبي لبنان

GMT 07:27 2025 الإثنين ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

ما يجري في السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab