بقلم : عبد اللطيف المناوي
من السمات اللافتة جدًا فى تاريخ النادى الأهلى أن إدارته غير مركزية. هناك مجلس إدارة، وهناك مسؤولون عن كل الألعاب الرياضية، وحتى الأنشطة الاجتماعية.. هذه الطريقة ربما جعلت من الأهلى المؤسسة الرياضية الأهم فى الوطن العربى. ولا أبالغ فى القول إنها كانت مثار إعجاب الأجانب. ولكن فى الوقت الحالى، رأينا أن هذه السمة تحديدًا تذوب فى مركزية شديدة وتركيز صنع القرار فى يد رئيس النادى، وأحيانًا المجموعة الضيقة من المحيطين به.
فقد رسّخت إدارة النادى نفوذها بطريقة لم تسمح بظهور شخصيات قيادية قادرة على تولى الراية فيما بعد؛ فالشعور العام أن رئيس النادى هو المحور الأوحد لصنع القرار. وهذا التفرّد قد يكون انعكاسًا لشعبية الخطيب ورمزيته، لكنه من ناحية أخرى، حجب مشاركات أخرى، ومنع تكوين صف ثانٍ من القيادات، وكلنا نتذكر أيام صالح سليم، الذى صنع كوادر إدارية أخرى مثل حسن حمدى والخطيب نفسه، ولكن الآن، من القادر مثلًا أن يقود النادى الأهلى بعد الخطيب؟
يدور فى الأروقة حديث عن أن الكفاءات الإدارية يتم الاستغناء عنها، مثل مدير الكرة السابق سيد عبد الحفيظ مثلًا، والذى تمت الإطاحة به فى ظروف أثارت التساؤلات. ورغم تبرير تلك القرارات من الناحية الفنية، إلا أن البعض قرأ فيها رغبة الإدارة فى إحكام السيطرة دون منافس داخلى على النفوذ.
إن عدم السماح ببروز شخصيات قيادية أخرى يحرم النادى من تنوع الآراء ويضعف آليات الرقابة الذاتية داخل المؤسسة، ما يعد خللًا جوهريًا فى الإدارة المؤسسية الحديثة التى تقوم على الحوكمة والتشاركية.
من أخطر مظاهر خلل إدارة الأهلى هو اتخاذ قرارات مصيرية ذات تبعات خطيرة دون الدراسة الكافية أو التشاور الواسع. المثال الأبرز على ذلك كان قرار النادى الأهلى بالانسحاب من مباراة القمة أمام الزمالك فى الدورى مؤخرًا. فقد أعلنت الإدارة رفضها خوض مباراة القمة الأخيرة ما لم يُستقدم طاقم تحكيم أجنبى، وذلك اعتراضًا على قرار الاتحاد المصرى لكرة القدم بتعيين طاقم تحكيم مصرى لتلك المباراة. تمسكت إدارة النادى بموقفها، وكانت النتيجة اعتبار الزمالك فائزًا بالمباراة، وابتعاد الأهلى نسبيًا عن المنافسة فى الدورى العام هذه السنة.
أثار هذا القرار غير المسبوق جدلًا واسعًا فى الأوساط الرياضية. فمن ناحية، رآه البعض بمثابة وقفة مبدئية ضد أخطاء التحكيم المحلى، لكن كثيرين اعتبروه قرارًا يفتقر إلى الحكمة ويضر بمصلحة النادى.
من الواضح أن هذا القرار لم يخضع لدراسة عميقة من الإدارة. وقد صرّح عضو مجلس إدارة سابق بالأهلى، بأن أزمة مباراة القمة الأخيرة تؤكد وجود أمور غير مدروسة من قبل الإدارة. هذا النقد العلنى من مسؤول أهلاوى سابق يكشف خلل آلية صنع القرار فى المجلس الحالى، حيث يبدو أن النقاش الجماعى والتحليل الهادئ للسيناريوهات غابا عن عملية اتخاذ قرار مصيرى كهذا.