بقلم : محمد أمين
من وقت لآخر أشاهد فيديوهات قصيرة على اليوتيوب.. وفى واحد منها شاهدت الفنانة زوزو ماضى تتحدث عن معرفتها بالشاعر الطبيب إبراهيم ناجى.. وقالت إنها من بنى سويف وجاءت القاهرة وعاشت قريبة من إبراهيم ناجى.. وقالت إنه كان يهتم بصحة الناس أكثر من الفلوس.. وكان إذا كشف على عشرة يأخذ الكشف من واحد، ويصرفه على التسعة الآخرين.. وكشفت عن علاقتها بابن عم والدها الشاعر اللبنانى الكبير إيليا أبو ماضى.. المهم هذا إبراهيم ناجى صاحب الأطلال!.
نعرف إبراهيم ناجى بأنه صاحب الأطلال.. مع أن الإطلال لم تكن أهم ما كتبه ناجى، فقد كتب شعرا كثيرا أفضل منها، لكن أم كلثوم هى التى قدمت الأطلال وكانت سبب شهرتها.. ولد الشاعر إبراهيم ناجى فى ٣١ ديسمبر ١٨٩٨ فى حى شبرا فى القاهرة.. تخرج ناجى فى (مدرسة الطب) عام ١٩٢٢ وعُين حين تخرجه طبيبا فى وزارة المواصلات، ثم فى وزارة الصحة، وبعدها عيّن مراقبا للقسم الطبى فى وزارة الأوقاف!.
عاش أول حياته فى المنصورة، وفيها رأى جمال الطبيعة وجمال نهر النيل فغلب على شعره، شأن شعراء مدرسة أبولو، الاتجاه العاطفى. أصيب بمرض السكر فى بداية شبابه فتألم كثيرا لذلك وتوفى عام ١٩٥٣، عندما كان فى الخامس والخمسين من العمر!.
نهل من الثقافة العربية القديمة فدرس العروض والقوافى وقرأ دواوين المتنبى وابن الرومى وأبى نواس وغيرهم من فحول الشعر العربى، كما نهل من الثقافة الغربية فقرأ قصائد شيلى وبيرون وآخرين من رومانسيى الشعر الغربى!.
بدأ حياته الشعرية حوالى عام ١٩٢٦ عندما بدأ يترجم بعض أشعار ألفريد دى موسييه وتوماس مور شعرا، وينشرها فى السياسة الأسبوعية، وانضم إلى مدرسة أبولو عام ١٩٣٢م التى أفرزت نخبة من الشعراء المصريين والعرب، استطاعوا تحرير القصيدة العربية الحديثة من الأغلال الكلاسيكية والخيالات والإيقاعات المتوارثة. كان ناجى شاعرا يميل للرومانسية، أى الحب والوحدانية، كما اشتهر بشعره الوجدانى. وكان وكيلا لمدرسة أبولو الشعرية، وترأس من بعدها رابطة الأدباء فى الأربعينيات من القرن العشرين!.
ترجم إبراهيم ناجى بعض الأشعار عن الفرنسية لبودلير تحت عنوان «أزهار الشر»، وترجم عن الإنجليزية رواية «الجريمة والعقاب» لديستوفسكى، وعن الإيطالية رواية «الموت فى إجازة»، كما نشر دراسة عن شكسبير، وكتب الكثير من الكتب الأدبية مثل «مدينة الأحلام» و«عالم الأسرة». وقام بإصدار مجلة حكيم البيت. ومن أشهر قصائده قصيدة الأطلال التى تغنت بها المغنية أم كلثوم. ولقب بشاعر الأطلال!.
وأخيرا، واجه ناجى نقدا عنيفا عند صدور ديوانه الأول، من العقاد وطه حسين معا، ويرجع هذا إلى ارتباطه بجماعة أبولو، وقد وصف طه حسين شعره بأنه شعر صالونات لا يحتمل أن يخرج إلى الخلاء فيأخذه البرد من جوانبه.. وقد أزعجه هذا النقد فسافر إلى لندن وهناك دهسته سيارة عابرة فنقل إلى مستشفى سان جورج وقد عاشت هذه المحنة فى أعماقه فترة طويلة حتى توفى فى ٢٤ مارس ١٩٥٣.