«القمة» «غّزة» امتحانُ الضمير العالمي

«القمة»: «غّزة» امتحانُ الضمير العالمي

«القمة»: «غّزة» امتحانُ الضمير العالمي

 العرب اليوم -

«القمة» «غّزة» امتحانُ الضمير العالمي

بقلم : فاطمة ناعوت

كنت أرجو أن يخرج البيان الختامى للقمة العربية الإسلامية الطارئة باتفاق جمعى بين الدول المشاركة على تجميد العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية والتجارية مع إسرائيل؛ لمحاصرة هذا الكيان الثعبانى الذى ظل لعقود يتسلّل إلى المنطقة ويترعرع عبر قنوات التجارة والاقتصاد، حتى توهّم أنه جارٌ طبيعى للعرب. لكن سقطته الأخيرة بانتهاك السيادة القطرية خسّرته دولةً طالما فتحت أبوابها للمفاوضات واحتضنت جولات الحوار، وبرعت فى فنون الوساطة لحل المنازعات وإرساء السلام، فكان هجوم إسرائيل على الدوحة «سقطة الشرير» التى سيظل يدفع ثمنها لسنوات.

لقد جاءت القمة لتؤكد أن حصار إسرائيل ليس مستحيلًا، على الأقل إقليميًّا وإسلاميًّا، وأن الكيان الذى سعى طويلًا إلى الاعتراف به كدولة طبيعية فى المنطقة، ليس إلا ورمًا خبيثًا يمكن محاصرته. سقطات إسرائيل الخسيسة فى فلسطين وقطر كفيلة بتوحّد العرب على كلمة تكشف المحورَ الأمريكى-الإسرائيلى العارى من الأخلاق فى مواجهة «الضمير العالمى»؛ الذى تجلّى فى «إعلان نيويورك» بتصويت ١٤٢ دولة لصالح حل الدولتين فى «الجمعية العامة للأمم المتحدة»، يوم ١٢ سبتمبر الجارى. «غزة» لم تعد شريطًا محاصرًا، بل صارت المحكَّ الذى تُختبر به القيم ويقظة الضمير. كلّ رصاصة تسقط هناك تُسجَّل نقطة سوداء فى دفتر الضمير الإنسانى. وكلّ صمت أمام جرائم الصهاينة فى «فلسطين» يفتح الطريق لتكرارها فى دول أخرى كما حدث فى «قطر». صارت «غزة» امتحانًا، لا يخصّ الفلسطينيين وحدهم، بل يخصّ مستقبل العدالة والكرامة على الكوكب بأسره.

فى قمّة الدوحة، ارتفعت كلمة مصر فوق المصالح والمناورات. جاء خطاب الرئيس «السيسى» جسورًا لا يراوغ. طالب بمحاسبة المسؤولين عن الانتهاكات ووضع حد لحالة «الإفلات من العقاب»، التى باتت نهجًا للممارسات الإسرائيلية بما يفضح نيتها إفشال جميع فرص التهدئة، وإجهاض أى تحرك جاد نحو إحلال السلام فى المنطقة، وقال إن الانفلات الإسرائيلى والغطرسة يفرضان على قادة العالم العربى والإسلامى العمل معًا لترسيخ أسس تحمى المصالح المشتركة. فـ«مصر» التى دفعت ثمنًا غاليًا من أجل استقرار الإقليم لن تسمح بكسر إرادة الفلسطينيين أو تهجيرهم من أرضهم. وقال إن ما يحدث فى غزة ليس شأنًا فلسطينيًّا، بل قضية تمسّ الأمن القومى العربى كاملًا، وتؤثر على استقرار العالم بأسره. وحذّر من أن استمرار الاحتلال فى سياساته المتغطرسة سيقود المنطقة إلى عواقب لا تُحتمل، وأن الحل يكمن فى إقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشرقية.

وهنا علينا الإشادة برئيس حكومة «إسبانيا»، الذى ندد بإبادة شعب غزة وقال إن إسرائيل تجاوزت جميع معايير القانون الدولى، فحظر تصدير الأسلحة لإسرائيل، ورفع حصة إسبانيا لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين. جاء الموقف الإسبانى بمثابة نفَس نقى وسط هواء ملوّث بالتواطؤ، ليؤكد أن العالم لم يمت بعد، وأن هناك مَن لا يزال يرى الحق حقًا والباطل باطلاً. وإلى جانب إسبانيا، علت أصوات من دول أخرى رفضت أن تكون شريكة فى الجريمة بالصمت، فأعلنت دعمها للفلسطينيين ورفضها لتجبّر الاحتلال. هذى المواقف، وإن كانت قليلة مقارنة بجوقة المطبلين للكيان الصهيونى، إلا أنها تشكّل إشارات أمل بأن الضمير العالمى يمكن أن يُستعاد إذا اجتمع الشرفاء على كلمة سواء.

عادة ما تُصدر المؤتمرات بيانات تُحفظ فى الأدراج، لكن قمة الدوحة جاءت مختلفة. فقد كشفت كلمات القادة، وتحديدًا كلمة مصر، أن اللحظة التاريخية لم تعد تحتمل التجميل ولا الدبلوماسية الباردة. «غزة» اليوم هى المِحكّ الذى يفضح العجز أو يؤكد الصمود. كل بيان يصدر عن قمة أو منظمة أو حكومة يُقاس بمقدار ما يحمله من فعل حقيقى، لا بما يُرصّع به من عبارات منمّقة. إنّ العالم يراقب: إمّا أن تكون كلمات القمة بداية لفعل حقيقى، أو أن تتحول إلى وصمة عار تضاف إلى سجل التخاذل الدولى. إن ما يجرى فى غزة ليس مجرد مواجهة عسكرية، بل هو امتحان للعالم. إما أن ينجح فى إثبات أن قيم العدالة وحقوق الإنسان ليست شعاراتٍ تُرفع فى المؤتمرات ثم تُداس فى الميدان، أو أن يسقط فى هاوية البربرية الحديثة، حيث تُشرعن التكنولوجيا القاتلة الإبادة، وتتحول حريةُ الشعوب إلى ورقة مساومة رخيصة. غزة ليست وحدها التى تُقصف، بل إنسانية العالم كلّه تتلقى الضربات معها.

كلمة الرئيس «السيسي» فى قمة الدوحة، بكل ما حملته من وضوح وجسارة، ستظل شاهدة على أن مصر لم تتخلّ يومًا عن دورها الطليعى الأبرز فى حماية الحق العربى دون مواءمات تجور على العدل والكرامة. وبينما يسطع موقف إسبانيا ودول أخرى لتضىء ظلام التواطؤ، يبقى السؤال مطروحًا: هل سينهض العالم ليحفظ ماء وجهه، أم يترك «غزة» وحيدة لتتحول المأساة إلى لعنة تلاحق البشرية بأسرها؟!.

arabstoday

GMT 10:51 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المسلمان

GMT 10:48 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

من موجة ترمب إلى موجة ممداني

GMT 10:47 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مفاجأة الحرب... تكنولوجيا أوكرانية مقابل أسلحة أميركية

GMT 10:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 10:37 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

المتحف المصري الكبير

GMT 10:36 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

«تسونامي» اسمُه ممداني

GMT 10:33 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

السودان... حكاية الذَّهب والحرب والمعاناة

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«القمة» «غّزة» امتحانُ الضمير العالمي «القمة» «غّزة» امتحانُ الضمير العالمي



نجمات مصريات يجسّدن سحر الجمال الفرعوني في افتتاح المتحف المصري

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 01:53 2025 السبت ,08 تشرين الثاني / نوفمبر

فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب
 العرب اليوم - فيديو قديم مع دينا الشربيني يثير ضجة وروبي تعلق بغضب

GMT 10:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

محاذير هدنة قصيرة في السودان

GMT 09:06 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

عمرو دياب يوقف حفله في دبي بسبب نيللي كريم وأحمد السقا

GMT 15:41 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

يامال يرفض المقارنات بميسي ويركز على تحسين أداء الفريق

GMT 16:15 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الأمم المتحدة تطلق حملة تطعيم واسعة للأطفال في غزة

GMT 10:58 2025 الأربعاء ,05 تشرين الثاني / نوفمبر

مرقص حنا باشا!

GMT 10:59 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

مرة أخرى.. قوة دولية فى غزة !

GMT 11:40 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

.. وفاز ممداني

GMT 22:52 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إقبال تاريخي على المتحف الكبير في مصر مع زيارات غير مسبوقة

GMT 12:01 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

صدقوني إنها «الكاريزما»!

GMT 20:43 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تنفق ملايين الدولارات لتحسين صورتها في أميركا

GMT 11:53 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

إحياء الآمال المغاربية

GMT 05:50 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

أفضل الوجهات العربية لقضاء خريف معتدل ومليء بالتجارب الساحرة

GMT 10:05 2025 الخميس ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

ياسمين صبري تعلّق على افتتاح المتحف المصري الكبير
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab