الزّيارة التّاريخيّة وانفصال المسارات

الزّيارة التّاريخيّة وانفصال المسارات

الزّيارة التّاريخيّة وانفصال المسارات

 العرب اليوم -

الزّيارة التّاريخيّة وانفصال المسارات

بقلم : نبيل عمرو

قبل عملية السابع من أكتوبر التي تلتها الحرب على الجبهات السبع، كان مسار التطبيع الإبراهيمي يشقّ طريقه نحو المحطّة السعوديّة بتلازم فرضته المملكة مع مسار آخر هو حلّ القضيّة الفلسطينية بما يفضي إلى قيام الدولة.

لم يكن تلازم المسارين مضموناً في تحقيق النتائج المرجوّة منه، إلّا أنّه كان منطقيّاً إذا ما أُريد حقّاً إنهاء حالة الحروب المتواترة في الشرق الأوسط، وجذرها المتّفق عليه هو إبقاء القضية الفلسطينية بلا حلّ.

تبدّلت أمورٌ كثيرةٌ في الشرق الأوسط والعالم، وكانت كلّها ذات تأثيرٍ سلبيٍّ على المسارين المتلازمين. إذ انشغل العالم في معالجة حرب الجبهات السبع، ومضاعفاتها، وكان أساس الانشغال هو الحيلولة دون اتّساعها نحو حربٍ إقليمية شاملة، من خلال الموقع الإيراني فيها ومن خلال الأجندة الإسرائيلية التي بُنيت بعد السابع من أكتوبر على أساس استغلال العملية الكبرى لتشكيل خريطةٍ جديدةٍ للشرق الأوسط مع جهدٍ مواظبٍ لجرّ أميركا وحلفائها الأطلسيّين وراءها، وكانت إيران هي الهدف الجوهري لهذه الأجندة.

ترامب زعيم مطلق

التطوّر الذي فتح شهيّة إسرائيل على مزيدٍ من التوغّل في مشروع تغيير الشرق الأوسط هو سقوط الإدارة الديمقراطية ونجاح الإدارة الجمهورية على نحوٍ تكرّس فيه دونالد ترامب زعيماً مطلقاً للولايات المتّحدة، وسنداً وشريكاً طيّعاً لإسرائيل حدّ الاندماج معها في أهداف الحرب على غزّة، مع بعض اختلاف في أدائها.

التغيير الآخر الذي أتى به ترامب هو اشتباكه الكونيّ مع الحلفاء التابعين والأعداء المنافسين في حربٍ اقتصاديّةٍ أربكت أميركا والعالم، وحربٌ كهذه، إضافةً إلى الحرب الأوكرانية الروسية، لا بدّ أن تؤثّر مباشرةً على أولويّات الدول واهتماماتها وجهودها.
غادر ترامب المنطقة محمّلاً بالتريليونات التي يراها إنقاذاً للمآزق التي نتجت عن معاركه الاقتصادية المفاجئة

لقد بدا جليّاً أنّ فتح مسارٍ سياسيٍ عنوانه وهدفه حلّ القضيّة الفلسطينية لم يعد ممكناً على المديين القريب والمتوسّط أمام شبكة التعقيدات المستجدّة التي نشأت بعد زلزال السابع من أكتوبر 2023. وإن أظهر هذا أهميّة حلّ القضيّة الفلسطينية في سياقِ حاجة المنطقة والعالم إلى الهدوء والاستقرار، فالأمر مع ذلك لم يعد أولويّة قصوى في تراتبيّة القضايا الساخنة، إضافة إلى سببٍ موضوعيٍّ آخر بالغ التأثير السلبي هو وجود حكومة إسرائيليةٍ يمكن أن تشعل العالم من أجل استبعاد القضيّة الفلسطينية عن الحلّ ما دامت الدولة الفلسطينية هي الهدف.

فصل التّطبيع عن التّسوية الفلسطينيّة

في هذا السياق، انفصل موضوعيّاً وعمليّاً مسار التطبيع الذي كان متلازماً مع مسار التسوية السياسية للقضيّة الفلسطينية، حيث الجدار السعودي الذي فرض التلازم وربط مصيره بصورةٍ محكمةٍ لا تراجع عنها. إذ لا تطبيع بلا مسارٍ سياسيٍّ، وهذا ما جعل إسرائيل غير متحمّسةٍ لتطبيعٍ يخرج عن أجندتها، فإمّا تطبيع تقبض ثمنه، وإلّا فلا لزوم لتطبيع تدفع هي ثمنه.

ترامب

تأكّد انفصال المسارين من خلال الزيارة التي يصحّ أن تسمّى “زيارة التريليونات”، ولقد تجلّى ذلك من خلال التناقض السياسي بين السعودية وأخواتها في مجلس التعاون الخليجي وبين الرؤية الأميركية لحلّ القضيّة الفلسطينية تحديداً. لقد سمع ترامب وهو يحصد الاستثمارات المشتركة موقفاً موحّداً من الدول الخليجية، خلاصته أنّ المنطقة باقتصادها وثرواتها وإسهاماتها الإيجابية النوعيّة في الاقتصاد الأميركي ستظلّ عرضةً للصراعات والحروب إن لم تحلّ القضيّة الفلسطينية بقيام الدولة، وهذا يمكن اعتباره انفصالاً عن المسار الاقتصادي في مجال العلاقة مع أميركا بشأن القضيّة الفلسطينية، من دون إغفال التأثير البطيء للمسار الاقتصادي في بلورة تفاهماتٍ محتملة لكن ليس في هذه المرحلة تحديداً.
التطوّر الذي فتح شهيّة إسرائيل على مزيدٍ من التوغّل في مشروع تغيير الشرق الأوسط هو سقوط الإدارة الديمقراطية ونجاح الإدارة الجمهورية

غادر ترامب المنطقة محمّلاً بالتريليونات التي يراها إنقاذاً للمآزق التي نتجت عن معاركه الاقتصادية المفاجئة. غادر من دون أن يحقّق شيئاً ملموساً ومقنعاً من وعوده الكثيرة حول غزّة، التي تحقّق منها فقط تحرير عيدان ألكساندر المواطن الإسرائيلي الأميركي من أسر “حماس”، واللافت أنّه جدّد تطلّعاته بشأن الاستثمار السياحي للقطاع المدمّر المليء بالجثث والمجاعات والمفتقر إلى الحدود الدنيا من مقوّمات الحياة الآدميّة فيه.

غير أنّه حقّق شيئاً سيكتشف قريباً أنّه لحظيّ وعابر، وهو إشاعة جوّ خلافٍ مع نتنياهو حول كيفية التعاطي مع الحرب على غزّة. الخلاف موجود بالفعل، إلّذا أنّه لا يمسّ جوهر العلاقة الأميركية الإسرائيلية والأهداف الاستراتيجية المشتركة بينهما. فالخلاف مع الحكومات أمرٌ مألوفٌ ويكاد يكون دائماً، وأمّا الخلاف مع الدولة العبرية حدّ تجاوزها في أيّ شأنٍ من شؤون الشرق الأوسط، فهذا هو المستحيل بعينه. صحيحٌ أنّه استثنى إسرائيل من زيارته، غير أنّ الاتّصالات اللحظيّة مع نتنياهو لم تتوقّف.

أخيراً غادر ترامب منطقةً أخذ منها الكثير ولم يعطِها القليل، وبعد أيّامٍ تبدأ قمّةٌ عربيّةٌ في بغداد، وبعدها ينطلق جهدٌ سعوديٌّ فرنسيٌّ مشترك تجاه قيام الدولة الفلسطينية، وعلى العرب في قمّتهم وما بعدها إيجاد وسيلةٍ أكثر فاعليّةً تُدخلهم شركاء في تقرير مصيرهم في منطقتهم، والأمر لا يتّصل بحلّ القضية الفلسطينية وحسب، بل وبالحضور العربي الفعّال في منطقتهم وقضاياهم.

arabstoday

GMT 11:21 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

حظ أفضل وراحة بال

GMT 11:19 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

صوت الجندي المكتوم في قارورة بحرية!

GMT 11:17 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الجفاف يجتاح إيران وحرب مياه في أفق المنطقة

GMT 11:13 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

سقوط الفاشر... هل يُكرر السيناريو الليبي؟

GMT 11:10 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

سرقة متحف اللوفر

GMT 11:06 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

السيدة المعجزة

GMT 10:57 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ترمب وحلم الولاية الثالثة

GMT 10:55 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

ساركوزي ولعنة ليبيا والقذافي

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الزّيارة التّاريخيّة وانفصال المسارات الزّيارة التّاريخيّة وانفصال المسارات



رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

الرياض ـ العرب اليوم

GMT 23:17 2025 الخميس ,30 تشرين الأول / أكتوبر

إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر
 العرب اليوم - إسرائيل تتسلم رفات رهينتين من حماس عبر الصليب الأحمر

GMT 09:50 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

نوارة الغزاوية... وفلسطين الدُمية

GMT 20:23 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

رسالة إلى سموتريتش: السعودية دولة تملك التاريخ والجغرافيا

GMT 10:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

GMT 07:26 2025 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

نادين الراسي ترقص بعفوية في دبي وتكشف سر الـ Six pack

GMT 11:57 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

رحمة رياض تتألق بإطلالات متنوعة تجمع بين الأناقة والجرأة

GMT 09:55 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

يتيمة العصر

GMT 09:54 2025 الأربعاء ,29 تشرين الأول / أكتوبر

إيلون ماسك... المُطلق
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab