حول استحالة نهاية الفلسفة

حول استحالة نهاية الفلسفة

حول استحالة نهاية الفلسفة

 العرب اليوم -

حول استحالة نهاية الفلسفة

بقلم : فهد سليمان الشقيران

في النصف الأخير من القرن العشرين راجت أحاديث النهايات. نهاية الجغرافيا، ونهاية الإنسان، ونهاية الفلسفة، وهذه النهاية تحديداً أي نهاية الفلسفة هي ما سأشرحه بهذه المقالة.

كتب الفيلسوف الألماني مارتن هيدغر كتابه بعنوان: «نهاية الفلسفة ومهمة التفكير» عام 1964. أسس لفكرته بتبريريْن اثنيْن، أولهما: أن الفلسفة قد بلغت ذروتها ولم تعد قادرة على تقديم المزيد من الإجابات حول الوجود. ثانيهما: أن الفلسفة قد بلغت وهجها مع اليونانيين، وانتهت مع هيغل، وبالتالي لم يبق إلا «التفكير التأملي العميق»، وهذا الشطر الثاني من عنوان كتابه.

من بعده هرع الفلاسفة وبخاصةٍ الفرنسيين منهم بغية تحويل هذه الفكرة إلى نقطة تحوّل، ومن هنا بدأت أفكار فلاسفة الاختلاف الذين وجدوا في مفهوم «التقويض-Destruktion» أساساً لبناء مشاريعهم المتمايزة، ولكن الأرضية التي انطلقوا منها واحدة، صحيح أن نيتشه أثر عليهم ولكن تأثير هيدغر كان أكثر عمقاً، وأخصّ بذلك «جاك دريدا»، و«ميشيل فوكو»، و«جيل دلوز». لقد نزعوا عن الفلسفة هالتها. اعتبروها ساحة تمرين على فهم الأشياء كما في عنوان كتاب فوكو «الأشياء والكلمات»، وهو أهم كتبه. بينما جيل دلوز تساءل في كتابٍ مشترك مع فليكس غيتاري «ماهي الفلسفة» ثم أجاب: «هي صناعة المفاهيم».
هذا الجوّ العام حول نهاية الفلسفة بالتأكيد خلق نظرياتٍ مؤثرة، ولكن الفلسفة خاتلتهم. ومجرد اشتغالهم بفكرة نهاية الفلسفة بطريقةٍ فلسفية يعني أن الفلسفة لم تنتهِ.

وظيفة الفلسفة باقيةٌ لأنها ساحة حربٍ نظريةٍ دائمة، كما يعبر الفيلسوف لويس ألتوسير في كتابه: «تأهيل الفلسفة للذين هم ليسوا بفلاسفة»، حيث كتب: «بالفعل ينبغي تَصوُّر الفلسفة، أي مجموع الفلسفات على اختلافها في كلّ حقبة، على أنّها ساحة حرب نظريّة. وكان كانط يطلق على الفلسفة السابقة، «فلسفة ما وراء الطبيعة» (الميتافيزيقا)، التسمية المذكورة تحديداً، (والتعبير له)، «ساحة حرب» (Kampfplatz)، كونه كان يطمح إلى تعميم «السلام الدائم» الذي تؤمّنه سيطرة الفلسفة النقديّة، (عن طريق تحقيق انتصار فلسفته هو دون سواها، ونزع سلاح الفلسفات الأخرى كافّة). ويقول: «ينبغي أن نضيف: إنّها ساحة حرب وَعِرة التضاريس، احتفرتها خنادق المعارك القديمة، وانتشرت فيها التحصينات الشائكة المهجورة التي احتُلَّت وتَكرَّر احتلالها، ساحة حرب حملت من الأسماء ما يحيي ذكرى المعارك التي تميّزت بشراستها، وتبقى عُرضة لانبعاث كتائب منبثقة من الماضي مجدَّداً، وملتحقة بالقوّات الجديدة التي تتقدّم».

الخلاصة، أن فكرة نهاية الفلسفة هي جزء من حيويّة المسار الفلسفي الدائم. إنها ليست مثل النهايات التي تتعلق بالاستراتيجيات أو الجغرافيا. الفلسفة فضاءٌ ممتد وله تحوّلاته وإرثه، وآية ذلك أن مقولات النهايات انتهت، وبقيت الفلسفة فعّالة ومفاهيمها مؤثرة على السياسات والعلوم بل وحتى على المستجدّات. الفلسفة بطبيعتها فضولية وهي الآن تتدخّل في موضوعاتٍ طبيّة وفنيّة وتقنيّة وآخرها صرعة الذكاء الاصطناعي الخارقة.

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حول استحالة نهاية الفلسفة حول استحالة نهاية الفلسفة



ثنائيات المشاهير يتألقون ودانييلا رحمة وناصيف زيتون يخطفان الأنظار في أول ظهور عقب الزواج

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 04:34 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

فى مواجهة «حسم»!

GMT 18:42 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

نانسي عجرم تدمج اللمسة المغربية في أحدث أعمالها

GMT 14:14 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

عقلاء وحكماء في بطانة صانع القرار

GMT 15:54 2025 الثلاثاء ,22 تموز / يوليو

صحة غزة تعلن توقف الخدمة في 6 مرافق طبية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab