بقلم: طارق الشناوي
النقابات الفنية فى مصر تحتاج إلى نقطة نظام، تصدر قرارات عشوائية بسرعة (الفيمتو ثانية) وغالبا تتراجع عنها أيضا بـ(الفيمتو ثانية)، وبعد أن يلتقطوا أنفاسهم يواصلون نفس اللعبة.
هم عاجزون عن مواجهة مشكلة البطالة المتفشية بين أغلب أعضاء تلك النقابات، ليس لديهم سوى أنهم بين الحين والآخر يخترعون أى مشكلة لتفريغ طاقة الغضب، آخر قرار أصدره نقيب الموسيقيين مصطفى كامل، تلمح فى صياغته روح الشعبوية (إن مصر بلد أم كلثوم وعبدالوهاب وعبدالحليم لن تسمح بهذا التسيب الأخلاقى)، وهكذا قرر إيقاف المطرب راغب علامة عن الغناء، ووجدنا أحد الشيوخ المنتمين للمؤسسة الدينية الرسمية وهو يبارك هذا القرار.
لا يطل النقيب أبدا على الدائرة الأوسع، وهى تأثير هذا القرار بكل تداعياته على مكانة مصر، فى الساحة الفنية، ولا على التأثير السلبى للحفلات القادمة، لا أحد يراجعه، وهكذا يستمر فى عزف مثل هذه الألحان.
النقيب المفروض أنه مطرب عاطفى، والمفروض أنه أيضا له معجبون ومعجبات، هو بالفعل يشارك فى عدد من الحفلات، ولكن لا أتصور أنه حقق تواجدا كبيرا، والناس لا تتذكر له إلا (قشطة يابا)، التى كانت عنوانه أيضا لتجربته الوحيدة فى مجال التمثيل السينمائى.
لا أنكر أن فى الوطن قطاعا لديه نفس ترمومتر النقابة ويرفض أساسا إقامة حفلات غنائية، وهؤلاء يتحمسون لقرارات المنع والمصادرة، خاصة لو تدثرت برداء شرعى، وكلنا نتذكر مثلا محاولات النقيب السابق للموسيقيين فى فرض زى محدد للمطربين والمطربات، وعدد السنتيمترات التى ينبغى على المطربة ألا تتجاوزها فى الفستان فوق الركبة، وما هى المساحة الآمنة لفتحة الصدر، وغيرها من الشروط التى لم تصمد طويلا، واضطر فى النهاية النقيب السابق إلى التراجع عنها.
بعد قرار منع راغب علامة من الغناء بدأ الجمهور فى البحث عن عدد من كليبات مصطفى كامل التى كتبها ولحنها، عثروا على واحد منها إخراج أحمد الفيشاوى، تبدأ الأغنية بهذا السؤال (أبوسك فين ولا فين)، وترك للجمهور تحديد (الفين والفين)!!.
كلنا نتابع الدعوة التى تشتعل بين الحين والآخر لتحريم الفن، والتى شاهدنا لها مؤخرا تنويعة فى وصية المطرب الشعبى أحمد عامر بمنع أغانيه من التداول بعد رحيله، وهو ما كرره بعده عدد من المطربين، بل والنقيب نفسه أيد هذا التوجه.