هل كان الشيخ رفعت مبصرا

هل كان الشيخ رفعت مبصرا؟

هل كان الشيخ رفعت مبصرا؟

 العرب اليوم -

هل كان الشيخ رفعت مبصرا

بقلم - د. محمود خليل

لا نستطيع أن نحدد على وجه الدقة عمر الشيخ محمد رفعت، حين مرضت عيناه. الرواية الشائعة تقول إن ذلك حدث وهو بعمر السنتين، وهناك تسجيل لحوار أجراه الإعلامى الكبير عمر بطيشة مع النجل الأصغر للشيخ «الأستاذ حسين محمد رفعت» يذكر فيه رواية مختلفة، وفيها أن والده فقد بصره وهو فى سن تتراوح ما بين 4 و5 سنوات، ولو أنك عدت إلى الرواية التى يحكيها زوج ابنة الشيخ «عبده فراج» ستجد أنه يحكى أن الشيخ لم يفقد بصره كاملاً وهو طفل ويقول فى ذلك: «هاجم المرض إحدى عينيه، ولكن الإهمال فى العلاج أثّر عليها، وعلى عينه الأخرى، فضعف بصره شيئاً فشيئاً، حتى فقدت إحداهما القدرة على الإبصار، وظلت الأخرى ضعيفة، إلا أنه كان يرى بها بعض الشىء، وظلت كذلك حتى عام 1936.

وبينما كان يقرأ سورة الكهف بمسجد سيدى جابر بمدينة الإسكندرية، إذ احتشد الناس بالمسجد على العادة، والتفوا حوله بعد صلاة الجمعة ليعانقوه ويقبّلوه، وبينما هم كذلك، إذ حاول أحدهم أن يصل إليه، وسط التفاف الناس حوله، ليقبّله، فطالت أصابع يده تلك العين عن غير قصد ففقأتها وفقد بصره تماماً بعدها».

يعنى ذلك أن الشيخ محمد رفعت لم يفقد بصره كاملاً وهو طفل، وأنه عاش -طبقاً لرواية زوج ابنته- 44 عاماً يبصر بعض الشىء بإحدى عينيه، حتى فقد بصره تماماً فى حادثة وقعت له عام 1936. فالمسألة بدت متدرجة، ربما تكون قد بدأت الإصابة فى سن الثانية أو الثالثة أو الرابعة من عمره، وأخذت تتفاقم شيئاً شيئاً.

ومن المعلوم أن أمراض العيون فى مصر فى ذلك الوقت -كما يسجل كلوت بك فى كتابه «لمحة من مصر» كانت من أكثر الأمراض شيوعاً. وكانت مسألة الإهمال فى التعامل معها تكاد تكون مزدوجة، فقد كان هناك إهمال من جانب الأسر التى لجأت فى علاج أبنائها إلى تمائم مواجهة الحسد، والوصفات البلدية، وحلاقى الصحة، وغير ذلك، مما يؤدى إلى مزيد من السوء فى حالة المريض.

تجد نموذجاً على ذلك فى حالة عميد الأدب العربى الدكتور طه حسين الذى حكى فى سيرته الذاتية «الأيام» كيف أدى إهمال الأسرة وعلاجه بالطرق التقليدية على يد حلاق الصحة فى قرية «الكيلو» إلى فقده البصر تماماً، كما تجد معالجة لهذا الموضوع فى رواية «قنديل أم هاشم» التى كتبها الراحل «يحيى حقى»، ووصف فيها كيف أدت عادات التبرك وأساليب العلاج الشعبى إلى فقد الكثيرين لبصرهم.

لكن يبقى أن أمر الشيخ «محمد رفعت» الطفل كان مختلفاً، فقد كان يعيش فى القاهرة، وكان أبوه مأموراً لقسم الخليفة يتمتع بالوعى المطلوب للتعامل مع حالة طفله الذى أحبه كل الحب، وحنا عليه كل الحنو، وهنا يظهر الوجه الثانى للإهمال، وهو إهمال يرتبط بأوضاع المستشفيات والطب فى ذلك الوقت، وقد ألمح «سيسيل ألبورت» فى كتابه «ساعة عدل واحدة» إلى إهمال الأطباء المصريين فى الكشف على مرضاهم نتيجة سوء مستوى التعليم الطبى فى مصر خلال القرن التاسع عشر، وقال فى ذلك: «أما الإهمال والفحص غير الدقيق للمرضى فإن عذره أقبح. هنا ألوم مدرسيهم -يقصد مدرسى طلبة الطب- الذين يقع على عاتقهم واجب مقدس مفاده أن من واجبهم أن يدربوا طلبتهم جيداً فى المستشفيات العامة».

من الوارد بالطبع أن يكون النوعان من الإهمال ساهما فى تدهور حالة الإبصار لدى الشيخ محمد رفعت فى طفولته، فحالة فقد البصر لم تكن قاطعة بل كانت متدرجة، مما دفع الأسرة إلى التعامل المتأنى معها، كما أن إهمال الأطباء من ناحية أخرى وسوء الخدمة الطبية المقدمة بالمستشفيات ربما يكون قد ساهم فى ذلك.

arabstoday

GMT 07:24 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

سيرة المؤشر

GMT 07:22 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

هل ضجر العالم من الواحدية الأميركية؟

GMT 07:20 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

هل ينهي هجوم الدوحة علاقة الخليج بواشنطن؟

GMT 07:19 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

عن ثنائية نزع السلاح ومنطلق الإصلاح

GMT 07:17 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

الخيار العربي في مواجهة «عقيدة ويتكوف»

GMT 07:16 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

ربع قرن على 11 سبتمبر: تشظيات الإرهاب وتحوّلاته

GMT 07:14 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

من رد الفعل إلى الردع

GMT 07:12 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

التبرير الفكري للاحتلال

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هل كان الشيخ رفعت مبصرا هل كان الشيخ رفعت مبصرا



هيفاء وهبي تتألق بإطلالات خارجة عن المألوف وتكسر القواعد بإكسسوارات رأس جريئة

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 03:47 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

إسرائيل تعلن طلب مسؤولين بحماس مغادرة غزة

GMT 01:56 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

شأن ما جرى في قطر!

GMT 12:17 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

هل يمكن العودة للسلام؟

GMT 03:52 2025 الإثنين ,15 أيلول / سبتمبر

جيش الاحتلال يعتقل شابًا سوريًا بريف القنيطرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab