«حَرِيصٌ عَلَيْكُم»

«حَرِيصٌ عَلَيْكُم»

«حَرِيصٌ عَلَيْكُم»

 العرب اليوم -

«حَرِيصٌ عَلَيْكُم»

بقلم - د. محمود خليل

تعد السلاسة واليسر والبعد عن العنت والمشقة سمة أساسية من سمات رسالة الإسلام، وقد كانت شخصية النبى المختار، صلى الله عليه وسلم، شديدة الاتساق مع هذه السمة، إذ اتسمت بالبساطة والميل إلى البسطاء، والبعد بهم عن أى تعقيدات عقائدية، فقد كان يكفى للواحد منهم أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله حتى يدخل الإسلام، وحسابه بعد ذلك على الله، ما يعنى أن قلبه يمسى معبده، ويصير إيمانه حبلاً موصولاً بينه وبين خالقه الغفور الرحيم.

نحن أمام رسالة تتأسس على قاعدة «عدم تكليف الإنسان فوق ما يطيق»، يقول تعالى: «لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْسَاً إلا وُسْعَهَا». فقلبك معبدك، وإيمانك مع ربك، وليس مطلوباً منك أن تكلف نفسك ما لا تستطيع، حتى فيما يتعلق بتقوى الله، فالأهم أن تجتهد فى ذلك قدر ما تطيق: «فاتَّقُوا اللهَ ما استَطَعْتُم».

وطبقاً لهذا القاعدة لم يكن النبى الذى يعز عليه عنت المؤمنين يشق على أمته فى أى شىء، وكان صلى الله عليه وسلم لا يخير ما بين أمرين إلا اختار أيسرهما. تجد مبدأ «التيسير» على سبيل المثال حاضراً فى البناء «العباداتى»، فى الصلاة والصيام والزكاة والحج.

فمن لا يجد ماءً للوضوء يتيمم، ومن لا يدرك الصلاة فيها وقتها يقضيها، وباب التسهيل على المؤمن فى أداء الصلاة طبقاً لظروفه وضغوطه معلوم للجميع، أما الصيام فلمن يقدر عليه من الأصحاء وغير المسافرين، والحج لمن استطاع إليه سبيلاً: مالاً وقدرة بدنية، والزكاة بركة فى مال المزكى، وتسهيل لحياة المعسرين.

ولا يتأسس البناء العباداتى وحده على مبدأ «التيسير»، بل يستند إليه أيضاً بناء «الأخلاقيات العامة والخاصة» فى الإسلام. فالأخلاق العامة، مثل الصدق والعدل والإحسان وإيتاء ذى القربى، تؤدى -إذا سادت- إلى تيسير حياة البشر وجعلها أكثر سلاسة وإيجابية وإنتاجاً، وكذلك الأخلاق الخاصة التى تحكم بعض المعاملات، مثل منع الغش والاحتكار، تؤدى إلى صلاح الأحوال، وتهيئ المناخ لأداء اقتصادى أكثر اتزاناً وأماناً. والأخذ بخلق الشورى، يؤدى إلى حياة اجتماعية وسياسية أكثر رشداً وسلامة.. وهكذا.

لقد كان النبى صلى الله عليه وسلم يشبّه حاله مع قومه، بما رآه فى منام شريف، برجل وجد قومه يعيشون فى صحراء قاحلة، يعانون فيها الجوع والعطش، فأخبرهم ذات يوم بأنه يعرف أرضاً معشوشبة، عظيمة الثمار، تحتشد بحياض الماء، وسألهم أن يذهبوا معه إليها فوافقوه، وعاشوا طاعمين شاربين هانئين فيها، وبدا لهم مدى إشفاقه عليهم حين ناداهم إلى هذه الأرض، ومبلغ حرصه على سعادتهم، حين وضع هذه الأطايب بين أيديهم.

بعدها دعاهم ثانية إلى أرض أكثر خضاراً، وأنهاراً أكثر جرياناً من ماء ولبن وعسل مصطفى، فاستجاب له بعضهم، وأبى بعضهم الذهاب معه، وآثروا العيش فيما هم فيه، وما زال بهم من شدة حرصه عليهم.

هذا التشبيه بما يحمله من مجاز يجسد لك بعبقرية المعنى العميق لحب محمد «الإنسان» لقومه وحرصه عليهم.

arabstoday

GMT 15:04 2025 الخميس ,18 أيلول / سبتمبر

من نصدّق...؟

GMT 15:01 2025 الخميس ,18 أيلول / سبتمبر

السلاح: “مقاومة” أو ضمانات للشّيعة؟

GMT 14:59 2025 الخميس ,18 أيلول / سبتمبر

حوار الشرع.. أسئلة العدل والدولة

GMT 14:58 2025 الخميس ,18 أيلول / سبتمبر

هل حقاً أوروبا على حافة الانهيار؟

GMT 14:55 2025 الخميس ,18 أيلول / سبتمبر

٣ ساعات مع رئيس الوزراء

GMT 14:54 2025 الخميس ,18 أيلول / سبتمبر

برشلونة فى أمريكا.. وإنتر فى أستراليا!

GMT 10:21 2025 الخميس ,18 أيلول / سبتمبر

أجل تحترق

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«حَرِيصٌ عَلَيْكُم» «حَرِيصٌ عَلَيْكُم»



الملكات والأميرات والسيدات الأوائل يتألقن في أسبوع من الإطلالات الملوكية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:57 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

نيللي كريم تخوض السباق الدرامي الرمضاني 2026
 العرب اليوم - نيللي كريم تخوض السباق الدرامي الرمضاني 2026

GMT 04:58 2025 الأربعاء ,17 أيلول / سبتمبر

هناك ما يمكن عمله ضد إسرائيل

GMT 05:22 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج​ اليوم الثلاثاء 16 سبتمبر/ أيلول 2025

GMT 18:42 2025 الأحد ,14 أيلول / سبتمبر

تامر حسني يتعرض لكسر في القدم ويخفي آلامه

GMT 07:34 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

37 غارة إسرائيلية على غزة خلال 20 دقيقة

GMT 07:39 2025 الثلاثاء ,16 أيلول / سبتمبر

استشهاد 4 فلسطينيين في قصف منزل بحي الصبرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab