رأس الخروف

رأس الخروف

رأس الخروف

 العرب اليوم -

رأس الخروف

بقلم: د. محمود خليل

المواسم فى مصر مناسبة للانكشاف الإنسانى للعديد من الأسر التى تعانى. فكل موسم لدينا يرتبط بإنفاق، وإذا صح أن البعض يستطيع أن يستغنى عن كعك عيد الفطر أو ياميش رمضان، فهو لا يستطيع أن يعزف عن فكرة «البحبحة» فى إعداد موائد الإفطار حسب ما تيسر من طعام، المسألة تختلف جملة وتفصيلاً فيما يتعلق بعيد الأضحى، فالهدف هذه المرة ثمين، ولا بد من فتة ولحمة العيد، انطلاقاً من تأكيد البعض أنها سنة عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم.

فى رواية «بداية ونهاية» مات عائل الأسرة وترك للأم ثلاثة ذكور وفتاة واحدة، الأب كان يعمل موظفاً والحياة تسبل سترها على الأسرة، لكن بعد وفاته انكشفت أوضاع أفرادها، وباتت المواسم، وعلى رأسها موسم الأضحى، ساحة لتعرية أوضاعها الصعبة، لتصل رائحة الوجع إلى الجيران، فيتطوع أحدهم بإهداء الأسرة فخدة خروف بمناسبة عيد الأضحى حتى تنعم الأسرة باللحم والثريد (الفتة).

عادة التكافل بين الأسر داخل العائلة الواحدة أو المكان الواحد «حاجة حلوة» من «حاجات حلوة كثيرة» يتدفأ بها المصريون عندما تضغط الحياة عليهم، ليس معنى ذلك أن الجميع يكتفى، ربما كان أهل المدن والمراكز الحضرية أسعد حالاً من أهل الريف والعشوائيات.. فماذا يفعل هؤلاء؟

قد يكون لك سابق معرفة بما يطلق عليه «السقط» أو «الحلويات»، ويقصد بها ما يسقط من الأضحية -بعيداً عن لحومها وكبدها- مثل الرأس والكوارع والأحشاء والفشة والكرشة وغير ذلك. هذه الأشياء لها سعرها فى بلادنا، لم تكن كذلك فى الزمن الماضى، حين كانت بعض الأسر تفطر بعد صلاة العيد على فتة رأس خروف، وليس عِجلاً أو عَزبة، وتحمد ربها، ولم يكن لديها الترف لتشترى بقية السقط (خصوصاً الأحشاء والفشة والكرشة)، إلا إذا فتح الله على عائلها أبواب رزقه.

ربما وجدت أسراً حالياً لم تزل تحيى عيد الأضحى على رأس خروف، كما تعودت الأسر الفقيرة فى الماضى. فالفقير قد يصبح غنياً، والغنى قد يبيت فقيراً، لكن ثقافة الفقر والغنى ثابتة لا تتحول. فالفقير يبحث عما يقدر عليه، ويؤمن أن الله حباه بنعم أخرى، فليس بالطعام وحده يعيش الإنسان، والغنى يبحث عما يستهلك فيه، وقد نتج عن ولعه بالجديد على مستوى الاستهلاك مزاحمة الفقراء على السقط أو الحلويات التى تتبقى من الذبائح.

هناك بيزنس كبير أخذ ينمو ويتسع فى مصر منذ الثمانينات، وكان موجوداً قبل ذلك على استحياء، موضوعه «السقط». محلات شهيرة فى بعض الأماكن الشعبية، يرتادها بعض المتذوقين لهذا النوع من الطعام، احترف أصحابها إعداده بشكل شديد الإغراء، تتداخل فيها الفتة مع الكوارع مع العيون مع القلوب مع الفشة مع الكرشة مع غيرها.

دخل السقط أو الحلويات سباق الاستهلاك فغلا سعره، وباتت بعض الأسر فى أماكن ريفية وعشوائية غير قادرة على تحمل تكلفتها، وفى الأغلب يتوكل عائلها على الله ويشترى رأس خروف (وهو الأقل سعراً) ليفتّوا عليها ويأكلوا ويحمدوا ربهم على ما حباهم.. وتبقى القيمة دائماً فى الرضا.. فهو جوهر السعادة فى الحياة.

 

arabstoday

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

GMT 06:11 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

اكتشافات أثرية مهمة بموقع ضرية في السعودية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رأس الخروف رأس الخروف



شريهان تتألق بالملابس الفرعونية في احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 00:20 2025 الثلاثاء ,04 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تطالب إسرائيل بالسماح بدخول الصحفيين الأجانب إلى غزة
 العرب اليوم - واشنطن تطالب إسرائيل بالسماح بدخول الصحفيين الأجانب إلى غزة

GMT 18:44 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

شريهان تتحدث عن مشاركتها في افتتاح المتحف المصري
 العرب اليوم - شريهان تتحدث عن مشاركتها في افتتاح المتحف المصري

GMT 21:24 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعيد تمثالاً فرعونيًا عمره 3500 عام إلى مصر

GMT 18:09 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

بابا الفاتيكان يجدد دعوته لوقف إطلاق النار في السودان

GMT 02:58 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

طهران تواجه خطر نفاد مياه الشرب بسبب "جفاف تاريخي"

GMT 03:04 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

هولندا تعتزم إعادة قطعة أثرية عمرها 3500 عام إلى مصر

GMT 17:38 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الشيباني يؤكد التزام بلاده بتعزيز السلم الأهلي

GMT 02:39 2025 الإثنين ,03 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب يعيد التهديد بالتدخل العسكري ضد نيجيريا برًا أو جوًا

GMT 18:51 2025 الأحد ,02 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الأمريكي يؤكد أن شي جينبينغ يدرك عواقب غزو تايوان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab