إردوغان ما بعد الشعبوية

إردوغان... ما بعد الشعبوية

إردوغان... ما بعد الشعبوية

 العرب اليوم -

إردوغان ما بعد الشعبوية

بقلم - جبريل العبيدي

تبقى الانتخابات التركية شأناً داخلياً وقراراً تركياً خالصاً، أيا كانت النتائج، وفوز إردوغان ليس استثناء. رغم سياسات إردوغان الماضية وتحالفه مع حزب «العدالة والتنمية» (الواجهة السياسية) لجماعة الإخوان فإن سياسات إردوغان الأخيرة التي منها التقارب مع العمق الإسلامي لتركيا خاصة العربي، ومحاولة إنتاج سياسة «صفر» مشاكل، جعلتا فرصة لتقاربات كثيرة بين تركيا إردوغان الجديد الذي بدأ سياسات انفتاح نحو خصوم المرحلة السابقة، ومنهم سوريا ومصر.

صحيح أن الانتخابات التركية شأن تركي خالص، ولا نملك حق الرفض أو حتى القبول بمن يحكم تركيا، فهو شأن خالص للأتراك، ولكن يبقى تأثير حاكم الباب العالي على السياسات الإقليمية والدولية، خاصة أن تركيا دولة مهمة وفاعلة في المنطقة، وأي تغيير أو استمرار في نهج سياسي تخشبي أو متشنج كما كان ينهجه إردوغان قبل التقاربات الأخيرة، وتخليه عن الخطاب الشعبوي، والذي تسبب في الكثير من المشاكل لتركيا، سواء في محيطها العربي أو بقائها خارج الاتحاد الأوروبي، رغم أن تركيا جزء كبير منها أوروبي بحكم الجغرافيا وعضو مهم في حلف «الناتو»، وبقاء تركيا خارج الاتحاد يبرره الغرب بسبب سياسات إردوغان التصادمية خاصة في الفترات الماضية، قبل أن يتبنى إردوغان خطاباً تصالحياً مع المحيط العربي بدءاً من الخليج العربي، ومروراً بتصالحه مع مصر ورسائل إيجابية تجاه سوريا وقيادتها، رغم خلاف المنطقة الحدودية والشريط الحدودي الذي تحتله تركيا من الأراضي العربية السورية، بحجة توفير عمق أمن قومي تركي، قد ينتهي الشريط الذي بعمق ثلاثين كيلومتراً في الأراضي السورية بضمه إلى الأراضي التركية، كما حدث قديماً مع لواء الإسكندرون المنتزع من الأراضي السورية.

بعد تأكيد فوز إردوغان بولاية ثالثة غير مسبوقة تجاوز فيها مؤسس تركيا الحديثة كمال أتاتورك، فهل سنرى خطاباً تصالحياً مع الداخل التركي أولاً والخارجي ثانياً؟ وهل سيشهد الاقتصاد التركي إصلاحاً يحقق الإنعاش لليرة التركية المنهارة ويحسن الوضع المعيشي بعد التضخم الاقتصادي غير المسبوق في تركيا؟ وهل سنشهد سياسات جديدة تتخلى فيها تركيا إردوغان الجديدة عن المحاولات المتكررة لابتلاع البحار وثرواتها المحيطة وغير المحيطة، والتي أطلق عليها «الوطن الأزرق» الذي يعتبر أكبر عملية تلاعب بالجغرافيا والتاريخ، يتبنى فكرته بعض من القادة السياسيين الأتراك من بينهم إردوغان، فـ«الوطن الأزرق Mavi Vatan» مفهوم تركي توسعي لا يمكن القبول به.

قد يكون من «حق» القادة الأتراك الحلم بوطن أزرق أو حتى أحمر، فمن حق الآخرين حماية حدودهم ومياههم الإقليمية، وليبقَ الحلم التركي بعيداً عن مياه وأراضي الغير، حتى يمكن القبول بتركيا «صفر» مشاكل.

الآن حدث الفوز وانتصر إردوغان على خصومه، لم تتمكن المعارضة بسبب ضعف خبرتها في التحشيد الشعبوي في مقابل معسكر إردوغان، وبالتالي لم تتمكن المعارضة من تحقيق الفوز رغم أنها استطاعت أن تقترب من الفوز، بل تلامس نصف الأصوات في الجولتين الأولى والثانية، مما يفسر ضعف شعبية إردوغان رغم فوزه بفارق ضئيل لم تحسن المعارضة في ردم فجوته بإعداد تحالفات داخلية تمكنها من التغيير، خصوصاً أن إردوغان رغم فوزه بالفارق الضئيل لأول مرة سيواجه معارضة كبيرة في البرلمان؛ معارضة استطاعت أن تقترب من الفوز رغم خسارتها.

عن فوز إردوغان، سارعت قيادات الإسلام السياسي بالتهنئة حتى قبل أن تعلن النتائج رسمياً، خاصة وهي التي كانت تخشى مصير اليتم في حالة خسارة إردوغان، رغم أن سياسات تركيا في السنة الماضية كانت تتجه نحو كبح جماح الجناح العنيف من قيادات الإسلام السياسي، بعد سنوات من تبني مشروعهم، ولكن التقاربات التركية الأخيرة كانت من بين أهم ملفاتها هو إنهاء وجود هذه الجماعات وعملها من الأراضي التركية، وخاصة جماعة الإخوان الفرع المصري، والتي كانت تنشط من تركيا، وإن كانت تركيا فضلت التجميد على الإنهاء التام لوجودها.

قبلت المعارضة بخسارتها، وإن أعلنت مواصلة النضال الديمقراطي لتثبيط إردوغان، يبقى الآن ترقب ما سيحقق إردوغان من وعوده الانتخابية، ومنها نهج سياسة «صفر» مشاكل في المنطقة، ويبقى أن «غداً لناظره قريب».

arabstoday

GMT 11:02 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

اعترافات ومراجعات (51) الهند متحف الزمان والمكان

GMT 10:54 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

حسابات المكسب

GMT 10:51 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

منير وشاكوش وحاجز الخصوصية!

GMT 10:47 2024 الأربعاء ,17 إبريل / نيسان

الضربة الإيرانية

GMT 04:18 2024 الإثنين ,01 إبريل / نيسان

سفير القرآن!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إردوغان ما بعد الشعبوية إردوغان ما بعد الشعبوية



GMT 23:31 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة
 العرب اليوم - منى واصف تكشف عن أمنيتها بعد الوفاة

GMT 22:06 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

3 عمليات حوثية ضد سفن ومدمرات أميركية وإسرائيلية

GMT 15:09 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

النوم الجيد يطيل حياة الإنسان ويضيف سنوات لعمره

GMT 22:17 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

تونس تنتشل 14 جثة لمهاجرين غير شرعيين قبالة جربة

GMT 15:32 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

ملك الأردن يأمر بإجراء انتخابات مجلس النواب

GMT 18:03 2024 الأربعاء ,24 إبريل / نيسان

أحمد السقا أولي مفاجأت فيلم "عصابة المكس"

GMT 10:46 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

زلزال بقوة 5.3 ريختر يضرب شرق إندونيسيا

GMT 01:08 2024 الخميس ,25 إبريل / نيسان

نانسي عجرم بإطلالات عصرية جذّابة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab