بقلم - عماد الدين حسين
المظاهرة التى نظمتها قوى سياسية من «عرب ٤٨» معظمها «إخوانية الهوى» أمام السفارة المصرية فى تل أبيب مساء الخميس الماضى ستدخل التاريخ من باب العبث والكوميديا السوداء.
البعض يستغرب كيف يكون هناك إخوان وفى نفس الوقت إسرائيليون، وما هذا العبث الذى يجعل بعضهم يتظاهر تحت ظلال العلم الإسرائيلى ضد مصر. فى حين أن الإسرائيليين هم الذين يقتلون إخوانهم الفلسطينيين الذين خرجوا ــ نظريا ــ للتضامن معهم؟!
غالبية «عرب ٤٨» لا يزالون متمسكين بهويتهم العربية ويدافعون عن إخوانهم الفلسطينيين فى الضفة الغربية وغزة، وبعضهم دفع ثمنًا فادحًا نظير تمسكه بهويته العربية. لكن المفارقة الصارخة أنه ومن بين هؤلاء خرج الإخوان ليطعنوا فى مصر ويبيضوا وجه إسرائيل التى تمارس أبشع عملية إبادة ضد الشعب الفلسطينى.
نعود للحديث عن الحركة الإسلامية داخل إسرائيل أو «عرب ٤٨»، وهى الامتداد المحلى لجماعة الإخوان التى نشأت فى مصر عام ١٩٢٨ وامتدت إلى العديد من الدول العربية والأجنبية.
وجذور هذه الجماعة فى فلسطين تعود إلى عقد الأربعينيات من القرن الماضى خصوصا فى الناصرة وأم الفحم، لكن نشاطها الأساسى بدأ يظهر بوضوح فى الثمانينيات. وفى عام ١٩٩٦ شهدت الحركة انقساما كبيرا بين جناحين الأول يسمى الحركة الإسلامية الجنوبية وهو جناح براجماتى أسسه عبدالله نمر درويش ومعه منصور عباس وحماد أبو دعابس وتشارك الحركة فى انتخابات الكنيست الإسرائيلى. والجناح الثانى هو الحركة الشمالية وهو لا يعترف بإسرائيل ويرفض المشاركة فى الانتخابات ويرأسه الشيخ رائد صلاح وكمال الخطيب.
ولأول مرة دخل هذا الحزب الإخوانى بزعامة منصور عباس حكومة نفتالى بينت اليمينية التى تشكلت عام ٢٠٢١.
يومها سخر كثيرون من أن الإخوان يشاركون فى حكومة إسرائيلية صهيونية.
فى انتخابات نوفمبر عام ٢٠٢٢ شاركت الحركة الإسلامية وهى الذراع السياسية للإخوان، وحصلت على ٥ مقاعد فى الكنيست تحت لائحة «راعام» أو القائمة العربية الموحدة،
والوجود الجماهيرى لهذا الحزب موجود فى مناطق رهط وكفر قاسم والطيبة وأم الفحم، وحازت فى انتخابات ٢٢ على ١٦٠ ألف صوت، ما يعادل ٤٫٤ من إجمالى الأصوات العامة، وبالتالى حازت نسبة الحسم وهى ٣٫٥٪ والتقدير أنها تمثل نحو ٣٢٪ من أصوات المجتمع العربى فى إسرائيل.
أما الحركة الإسلامية الشمالية، بزعامة رائد صلاح فقد حظرتها السلطات الإسرائيلية فى نوفمبر ٢٠١٥.
مظاهرات إخوان إسرائيل يوم الخميس الماضى قادتها ثلاث شخصيات معروفة بتوجهها الإخوانى، ومن يتابع نشاطهم يدرك بسهولة انتقادهم الدائم للنظام المصرى.
الشخصية الأولى هى نضال أبوشيخة من بلدة عارة وهو إمام مسجد الإمام الشافعى ويرأس اتحاد أئمة المساجد فى الداخل الفلسطينى، له نشاط اجتماعى سياسى، لكن غالبية مواقفه تتماهى مع توجهات جماعة الإخوان وقد سجن بين عامى ١٩٩٣ و٢٠٠٢ وشارك فى كل الفعاليات المدافعة عن جماعة الإخوان فى الداخل والخارج.
الشخصية الثانية هى خالد زبارقة وهو محام وناشط حقوقى متخصص فى قضايا الأسرى ويحمل شهادة الماجستير فى القانون العام من جامعة تل أبيب، وحسب موقع «مصراوى» فإنه دعم بوضوح الإخوانى الأسبق محمد مرسى وجماعة الإخوان، وشن حملات وانتقادات مستمرة ضد النظام المصرى، وهو مقرب جدا من رائد صلاح.
الشخصية الثالثة هى مشهور فواز وهو رئيس المجلس الإسلامى للإفتاء فى الداخل الفلسطينى وأستاذ للفقه وأصوله ومعروف بتشدده حيث قام بتكفير الطريقة الأحمدية، وقد أقام صلاة الغائب على روح مرشد جماعة الإخوان المصرية السابق محمد مهدى عاكف، كما شارك مع نضال أبوشيخة فى حفل إحياء ذكرى وفاة محمد مرسى.
هذه هى المعلومات الأساسية عن منظمى المظاهرة، ومن الواضح أن هذا التيار مصاب بعمى حيثى لا أمل فى الشفاء منه بحيث إنه ينتقد ويهاجم مصر ولا يوجه غضبه ضد المجرم الأساسى وهو إسرائيل أو من يدعمها مثل أمريكا وبعض الدول الأوروبية.
ما حدث أمام السفارة المصرية فى تل أبيب مساء الخميس سيظل وصمة عار لكل من شارك فيها أو دعمها أو دافع عنها، وسيثبت حقائق كان معظمنا يظن أنها مستحيلة.