آلاء النجار وأطفالها التسعة الشهداء

آلاء النجار وأطفالها التسعة الشهداء

آلاء النجار وأطفالها التسعة الشهداء

 العرب اليوم -

آلاء النجار وأطفالها التسعة الشهداء

بقلم : عماد الدين حسين

كيف يمكن أن يتصرف أى إنسان لو وجد نفسه مكان الطبيبة الفلسطينية آلاء النجار؟

والطبيعى أن البعض سوف يسأل: ومن هى آلاء النجار؟ وما هى حكايتها؟
آلاء النجار تعمل طبيبة أطفال فى مستشفى ناصر الطبى فى قطاع غزة، تسكن فى منطقة قيزان النجار جنوب محافظة خان يونس.
 وكالعادة أيضا قامت قوات الجيش الإسرائيلى بقصف المنزل وإحراقه وتدميره بصورة كاملة. والنتيجة أن تسعة من أبناء الطبيبة استشهدوا على الفور، وهم يحيى وركان ورسلان وجبران وايف وريفان وسيرين، أعمارهم تتراوح بين ستة شهور و12 عاما، ولم ينجُ إلا الأب وابن واحد هو آدم الذى يرقد الآن فى العناية المركزة.
شقيقتها سحر تعمل صيدلانية تقول: نحن أسرة تعمل كلها فى مجال الطب ولسنا منتمين لحماس، وزوج أختى حمدى يعمل طبيبا أيضا، وخرج ليوصلها إلى عملها، وبعد عودته بدقائق جاء الصاروخ مستهدفًا الطابق السفلى، وأول ثلاث جثث لم نستطع التعرف عليهم بسبب تفحمهم، لكن أختى صرخت: هذه جثة ابنتى ريفان وحضنتها متعشمة أنها لا تزال حية.
سحر تقول إن الأطفال الكبار جميعهم حافظون للقرآن، هى تصف لحظة معرفة أختها بالفاجعة فتقول للـ«بى بى سى»: ظلت تركض فى الشارع باتجاه المنزل كى تتمكن من إلقاء نظرة وداع عليهم، لكننا لم نستطع تمييز الجثث، كلهم أشلاء متفحمة.
شقيقتها سحر قالت لها: الأولاد راحوا يا آلاء، فتجيينى: هم أحياء عند ربهم يرزقون. تضيف الشقيقة: أختى فى حالة صدمة ولا أخشى عليها إلا من لحظة الانهيار التى ستلحق بلحظات الصمود التى تمر بها الآن.
الأم تعودت منذ بداية العدوان أن ترعى وتهتم وتعالج أطفال غزة الذين أصيبوا خلال العدوان. لكن لم يرد فى خلدها ولو للحظة أن تستقبل جثث أبنائها التسعة متفحمة.
أعود إلى السؤال الذى بدأت به: كيف يمكن أن يتصرف أى شخص حينما يرى أولاده التسعة، وقد صاروا جثثا متفحمة؟
حينما يفقد الواحد منا طفلا أو ابنا أو بنتا نتيجة لمرض أو حادث يكاد يصاب بالجنون، ويظل مكتئبا لمدد طويلة، فما البال حينما يرى تسعة من أولاده جثثا متفحمة؟
حاولت أن أضع نفسى مكان هذه الطبيبة الفلسطينية، وكيف كان شعورها حينما رأت جثث أولادها؟ والأهم كيف ستقضى بقية حياتها؟!
أن يتدمر منزلها ويتحول إلى كتلة من الركام، أمر صعب جدا ويحولها هى وأسرتها إلى مشردين ونازحين، لكن هذا الأمر يمكن تحمله، وإعادة البناء إن لم يكن الآن فغدا، لكن أن تفقد كل أولادك فى لمح البصر، فهذا ما لا يقدر عليه أحد.
حينما قرأت الخبر، لم أصدق أن هذه السيدة لديها عشرة أطفال، ومن الطبيعى أن نسأل جميعًا: لماذا عشرة أطفال، وكيف يمكن تربيتهم ورعايتهم وتعليمهم؟
لكن ولمن يتابع الصراع الفلسطينى الإسرائيلى منذ عام 1948، يدرك أن سلاح الديموغرافيا والسكان عامل مهم للغاية، ويخشى الإسرائيليون طوال الوقت أن يزيد عدد الفلسطينيين على الإسرائيليين فى عموم فلسطين الكبرى، وانطلاقا من هذا العامل تحديدا يمكن فهم سر الهمجية والوحشية الإسرائيلية بالقصف المساحى، بل استهداف النساء والأطفال، بهدف جوهرى هو قطع نسل الفلسطينيين، وصرنا نعرف أن هناك عائلات بأكملها تم محوها من السجلات المدنية فى غزة.
لا يمكن فهم ما تفعله إسرائيل منذ 7 أكتوبر عام 2023 إلا فى إطار تهجير الفلسطينيين قسرا أو هدم القطاع على رءوس ساكنيه، حتى يصبح غير قابل للحياة تماما.
لا أعرف كيف يمكن أن يبرر الاحتلال مثل هذا النوع من المجازر: هل كان هؤلاء الأطفال التسعة أهدافا حددها الذكاء الاصطناعى، هل هذه أخلاق الجيش الذى يقول إنه يتبع أعلى المعايير الأخلاقية فى القتال؟!
لا يمكن للإنسان السوى الذى لديه حد أدنى من ضمير أو إنسانية إلا أن ينحنى إجلالا واحتراما ونبلا لمثل هذه السيدة الفلسطينية وأمثالها الكثيرين، الذين تحملوا ما لا تتحمله الجبال، ولا يزالون صامدين على ما تبقى من أركان بيوتهم، وفى نفس الوقت يتعجب المرء من هذا الصمت العربى والدولى شبه الشامل وهو يشاهد هذه المذابح على الهواء مباشرة ويكتفى إما بالصمت وإما بالعجز وإما بالبيانات الجوفاء

arabstoday

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

ملكة القنوات

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان و«ضربة معلم»

GMT 16:35 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

نقش «سلوان» وعِراك التاريخ وشِراكه

GMT 16:33 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان... تحالف جاء في وقته

GMT 16:31 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

أين تريد أن تكونَ في العام المقبل؟

GMT 16:30 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

افتح يا سمسم

GMT 16:29 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

مأزق الليبرالية البريطانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

آلاء النجار وأطفالها التسعة الشهداء آلاء النجار وأطفالها التسعة الشهداء



البدلة النسائية أناقة انتقالية بتوقيع النجمات

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 11:05 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

شيرين عبد الوهاب أمام القضاء بتهمة السبّ والقذف

GMT 03:18 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 06 سبتمبر/ أيلول 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab