بقلم:حبيبة محمدي
كان عميدُ الروايةِ العربية، الأستاذ «نجيب محفوظ»- رحمَه اللهُ- يُحبُّ الكاتبَ «كافكا»، بل واعترفَ بأنه قرأَه بنهم شديد، هو وغيره من الأدباء العالميين.
«فرانز كافكا» (Franz kafka) هو الكاتبُ العالمى، الذى عاش ما بين ١٨٨٣ إلى ١٩٢٤.
هو الكاتبُ المُفعمُ بالفلسفة، خاصةً أفكار «كيركجارد» ولاحقًا «سارتر»، ومثلما كان يرى أديبنا المصرى العربى الكبير الأستاذ «نجيب محفوظ»، أن الرواية العظيمة والحقيقية هى التى لابد أن تحمل فلسفةَ صاحبِها.
كذلك القارئُ لكافكا، يجد نفسَه أمام كتابةٍ، غالبا ما ترتبطُ بالفلسفةِ الوجوديةِ، حيث التأكيدُ على الوجود الفردى، الحرية، والاختيار.
وفى جلِّ أعمالِه، يواجهُ أبطالُه عالمًا خاليًا من المعنى، ويتعاملون مع عبثية الحياة، بالبحث عن المعنى، وعن الخلاص، ويتحمّلون مسؤوليتهم كأفراد فى خلق غايتهم الخاصة.
ومن أهم المبادئ الأساسية لفلسفة «كافكا» من خلال أعماله: «الاغتراب الوجودى»، ويظهرُ عند معظم أبطاله، و«العبث»، و«الصراع مع السلطة والبيروقراطية»، وظهر هذا المبدأُ، جليًا، خاصة فى «le procès»، أو «المحاكمة»، ثم «الشعور بالذنب والقلق»، وذلك نتيجة الخوف من المجهول وأحيانًا الشعور بالاستلاب، مما يرمزُ إلى فقدان القيمة الإنسانية.
فهذه الرواية، «المحاكمة»، تُمثِّلُ الشعورَ بالقلقِ والاغترابِ، حيث كثيرًا ما تواجهُ شخصياتُه مواقفَ عبثيةً، وفى هذه الرواية، يُتهم رجل بجريمة لم يُذكر اسمها، ولا يفهم هو، أسباب ذلك، وتتواصل تجلّيات القلق والعبث!!
ومن أعمال «كافكا» أيضًا، والمعروفة، رواية «التحوّل» و«القلعة»، وأيضًا «رسائل إلى ميلينا»، وغيرها الكثير، حيث كان لأعماله تأثيرٌ واسعٌ على الأدب والفن، عمومًا.
هذا وقد كان لـ«كافكا» تأثيرٌ كبيرٌ فى الأدب العربى، من حيث «الواقعية السحرية»، أو «أزمة الهوية والبطل المغترب» أو «العبث» و«الشعور بالقلق الوجودى»، وكلّها ظهرت فى كتابات الكثير من كُتّابنا فى العالم العربى.
الجديرُ بالذكر، أن بعض الدراسات التاريخية، تذكرُ أنَّ «كافكا»، (وُلد فى «براغ»، التى كانت جزءًا من الإمبراطورية النمساوية- المجرية، ثم أصبحت بعد ذلك جزءًا من تشيكوسلوفاكيا فى عام ١٩١٨. لذلك، يعتبرُه البعضُ كاتبًا تشيكيًا، لأنَّه قضى معظمَ حياتِه هناك، ولكنه غالبًا ما يُصنف كأحد كبار الكُتَّابِ الألمان، نظرًا لكتابتِه باللغة الألمانية).
ممّا يطرحُ سؤالًا جوهريًّا: هل الكاتبُ يُصنفُ حسبَ الجنسيةِ التى وُلد بها أم اللغةِ التى يكتبُ بها؟
قد يبدو السؤالُ سهلًا، لكنّه يطرحُ إشكاليةً مهمةً فى الأدبِ وعلاقتِه بالهويةِ.
- قد نعودُ للإجابةِ عن هذا السؤال!.