التطبيع مع التطرف 9

التطبيع مع التطرف (9)

التطبيع مع التطرف (9)

 العرب اليوم -

التطبيع مع التطرف 9

بقلم:أمينة خيري

 

وما زلنا مع «التطرف الجمعى»، وهو مثل الحصبة التى تجتاح مجتمعات بأكملها، البعض يصاب بها عن طريق العدوى، والبعض الآخر يدفع به الأمُّ لمخالطة المريض ظنًا منها أنها تسديه معروفًا، ولا تعى أن المخالطة فكرة شديدة العطب.

وتعطب المجتمعات حين يتم التطبيع مع التطرف. وفجأةً، تصبح المطالبة بالتنقيح والتطهير والتحديث، مطالبةً بهدم الثوابت وبعثرة الأوطان وإسقاط المجتمعات.

حين تركن القاعدة العريضة إلى المجهول أو الخرافة أو الغيبيات وحدها لتفسير الفقر والبؤس والعوز، وحين تكتفى الملايين بما قيل فى حكايات الأولين عن بؤس العباد وعوز البلاد تفسيرًا لحالها، وحين تُخصَّص الملايين وربما المليارات لبناء المزيد من المعابد لتدعو فيها لانكشاف الغمة وزوال الأزمة، بينما صغارها غارقون فى جهل، وكبارها فى أمية، ومتعلموها فى ثقافة لا علاقة لها بالعلم، ومرضاها يعانون الأمرين من قلة العلاج أو شح الدواء، وشبابها لا متنفس رياضى أو ثقافى لهم، وحين تقف الملايين على قلب رجل واحد مؤمنًا بأن نصف المجتمع هو كائن دونى أو مخلوق بلا إمكانات أو أن وجهه كفرجه.

وحين يُسلِّم المجتمع مقاليد الطب والهندسة والدراما والبناء والهدم والحاضر والماضى والمستقبل لرجال الدين، وحين تتحول عناوين الصحف الرئيسية إلى فتوى حكم إفطار الصائم بسبب «الزغطة»، والاحتفال بعيد الأم، وحكم خروج المرأة لصلاة العيد، وحكم العلاقة الحميمة بين الزوجين فى نهار رمضان، وحكم طباعة الصور على تورتة عيد الميلاد لا سيما البنات، والسن الأقصى لطبع الصورة، وبالطبع بالمرة حكم الاحتفال بعيد الميلاد... حين يهيمن ما سبق على مجتمع، فإنه فى الأغلب واقع تحت تأثير التطرف الدينى.

المخيف فى التطرف ليس أمراءه أو مفكريه أو مبتدعيه، والمرعب فى الأفكار المتطرفة ليس الفكرة نفسها، إنما المخيف والمرعب هو قبول القاعدة العريضة، وانضمام فئات شتى فى المجتمع من أبناء الطبقتين المتوسطة والعليا، باعتماد التطرف منهجًا والتعصب عقيدة.

فى هذه المجتمعات، تفوق أعداد رجال الدين ونسائه (إن كان يُسمح لهن باختراق مجال العلوم الدينية) أعداد علماء الطب والهندسة والجيولوجيا والصيدلة والاجتماع والنفس والفيزياء والكيمياء وغيرها. كما تفوق ميزانيات هيئاتها ذات الطابع الدينى ميزانيات المؤسسات العلمية والبحثية والفنية. وعادةً تزدرى الفن وتكره الفنانين، وتعتبر التنمر بهم والإساءة إليهم جهادًا فى سبيل الله. وفيها يقذف رجل طفلةً بِطوبة لأنها أكلت وشربت فى نهار رمضان وهو صائم.

ومن أهم سماتها الدفاع عن تطرفها والذود عن تعصبها كلما فتح أحدهم حديث التطرف بأحد الأقوال التالية: «وماذا عن دولة كذا أو أتباع دين كذا المتطرفين؟»، أو «ما دمت تنقد أفكارنا فأنت دون شك كافر أو زنديق»، أو «لا طبعًا لسنا متطرفين، نحن متمسكون بقيمنا ومبادئنا»، أو «مش عاجبك سيب البلد» وغيرها.

واللافت أن التطرف، لا سيما الدينى، عادةً يتخذ من المرأة والشابة والطفلة منصةً وحائط صدٍّ وحلبة صراع ووسيلة قتال. وللحديث بقية.

arabstoday

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

ملكة القنوات

GMT 16:36 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان و«ضربة معلم»

GMT 16:35 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

نقش «سلوان» وعِراك التاريخ وشِراكه

GMT 16:33 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

السعودية وباكستان... تحالف جاء في وقته

GMT 16:31 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

أين تريد أن تكونَ في العام المقبل؟

GMT 16:30 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

افتح يا سمسم

GMT 16:29 2025 الأحد ,21 أيلول / سبتمبر

مأزق الليبرالية البريطانية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

التطبيع مع التطرف 9 التطبيع مع التطرف 9



نقشات الأزهار تزين إطلالات الأميرة رجوة بلمسة رومانسية تعكس أناقتها الملكية

عمّان - العرب اليوم

GMT 11:05 2025 الجمعة ,19 أيلول / سبتمبر

شيرين عبد الوهاب أمام القضاء بتهمة السبّ والقذف

GMT 03:18 2025 السبت ,20 أيلول / سبتمبر

توقعات الأبراج اليوم السبت 06 سبتمبر/ أيلول 2025
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab