في الوقت الذي تستمر في "كارثة الجوع" في قطاع غزة، يلف الغموض مصير مفاوضات الهدنة في القطاع الذي يشهد حرباً منذ قرابة 21 شهراً، مما دعا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لتوعد حركة (حماس) وتحميلها مسؤولية عدم الوصول لاتفاق.
وقال برنامج الأغذية العالمي، أمس الجمعة، إن قرابة ثلث الأسر محرومة من وجبات الطعام لأيام متواصلة.
وأشار البرنامج إلى أن زيادة كبيرة في المساعدات الغذائية فقط هي التي يمكن أن تؤدي إلى استقرار "كارثة الجوع" التي تجتاح غزة.
"يموت الناس بسبب نقص المساعدات الإنسانية. ويتفاقم سوء التغذية الحاد الشديد … وبدون رعاية فورية، ستتعرض أرواح كثيرة أخرى لخطر جسيم".
وتقول وكالات إغاثة دولية إن الجوع تفشى على نطاق واسع بين سكان القطاع البالغ عددهم قرابة 2.2 مليون نسمة مع نفاد المخزونات، وقطع إسرائيل كل الإمدادات للقطاع في مارس/آذار، والسماح ببعضها في مايو/أيار لكن بقيود جديدة.
قال مسؤول إسرائيلي لوكالة فرانس برس، أمس الجمعة، إن عمليات تسليم المساعدات الإنسانية جواً ستُستأنف قريباً في قطاع غزة.
وقالت السلطات الطبية في قطاع غزة إن تسعة فلسطينيين آخرين توفوا على مدى الساعات الأربع والعشرين الماضية، بسبب سوء التغذية والجوع الشديد.
وتوفي العشرات في الأسابيع القليلة الماضية مع تفاقم أزمة الجوع في القطاع، وفق رويترز.
وأفاد المسؤول أن "عمليات إلقاء المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة ستستأنف في الأيام المقبلة، بالتنسيق مع الإمارات والأردن".
وقال مسؤول أردني كبير لبي بي سي إن الجيش الأردني لم يحصل بعد على إذن من إسرائيل للقيام بذلك.
وذكر إسماعيل الثوابتة، مدير المكتب الإعلامي لحكومة قطاع غزة الذي تديره حركة حماس، أن "قطاع غزة لا يحتاج إلى استعراضات جوية، بل إلى ممر إنساني مفتوح، وشاحنات إغاثة تتدفق يومياً لإنقاذ ما تبقى من أرواح الأبرياء المحاصرين المجوعين".
وطالب المكتب بوقف المجاعة فوراً وإدخال حليب الأطفال الآن، وإدخال 500 شاحنة مساعدات و50 شاحنة وقود يومياً.
واستنكر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش انتفاء "الإنسانية" و"التعاطف" مع الفلسطينيين في قطاع غزة الذي لا يعاني من أزمة إنسانية فحسب بل "أزمة أخلاقية تشكل تحدياً للضمير العالمي".
وقال في كلمة عبر الفيديو لمنظمة العفو الدولية "لا أستطيع تفسير مدى اللامبالاة والتقاعس الذي نراه من قبل المجتمع الدولي. انعدام التعاطف. وانعدام الحقيقة. وانعدام الإنسانية".
وأضاف "هذه ليست مجرد أزمة إنسانية، بل هي أزمة أخلاقية تشكّل تحدياً للضمير العالمي. سنواصل رفع الصوت في كل فرصة".
وقال وزير الخارجية الإيطالي أنتونيو تاياني في روما، الجمعة، "لم يعد بإمكاننا القبول بالمجازر والمجاعة" في قطاع غزة.
كذلك، دعت باريس ولندن وبرلين في بيان مشترك الجمعة إلى "إنهاء الكارثة الإنسانية التي نشهدها في غزة فوراً".
بدورها، استنكرت رئيسة المكسيك كلاوديا شينباوم الجمعة الأزمة الإنسانية في غزة.
وقالت شينباوم: "نحن ندين ما يحدث الآن، والمكسيك تسعى بالأقوال والأفعال لبناء السلام".
وصرح ترامب أمام صحافيين في البيت الأبيض قبيل مغادرته إلى أسكتلندا "حماس لم تكن ترغب حقاً في إبرام اتفاق. أعتقد أنهم يريدون أن يموتوا. وهذا أمر خطير للغاية".
وأضاف ترامب: "وصلنا الآن إلى آخر الرهائن، وهم يعلمون ما سيحدث بعد استعادة آخر الرهائن. ولهذا السبب تحديداً، لم يرغبوا في عقد أي اتفاق".
وكان ويتكوف أعلن الخميس أنّ واشنطن سحبت مفاوضيها من محادثات الدوحة التي استمرت أسبوعين بوساطة قطرية وأمريكية ومصرية، متّهماً حركة حماس بعدم التصرف "بحسن نية".
وتحدّث رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عن "خيارات بديلة" لإعادة الرهائن المحتجزين في القطاع.
وقال نتنياهو "كان ويتكوف محقاً. حماس هي العقبة أمام اتفاق لإطلاق سراح الرهائن".
من جهة أخرى، أعلنت قطر ومصر مواصلة الجهود "الحثيثة" في ملف الوساطة من أجل الوصول إلى اتفاق "يضع حداً للحرب"، وفق ما جاء في بيان لوزارة الخارجية القطرية.
وأشارت الدولتان العربيتان إلى "إحراز بعض التقدم في جولة المفاوضات المكثفة الأخيرة".
"تعليق المفاوضات لعقد المشاورات قبل استئناف الحوار مرة أخرى يعد أمراً طبيعياً في سياق هذه المفاوضات المعقدة"، وفق مصر وقطر.
واتهمت حماس المبعوث الأمريكي ستيف ويتكوف بـ"مخالفة السياق الذي جرت فيه جولة المفاوضات الأخيرة" وذلك يأتي "في سياق خدمة الموقف الإسرائيلي".
ورأى باسم نعيم عضو المكتب السياسي لحركة حماس أن ويتكوف غيّر رأيه.
وأشار إلى أن المبعوث الأمريكي كان قد قدّر "قبل أيام فقط" أن المحادثات إيجابية.
وتابع "تلقى الوسطاء رد حركة حماس بشكل إيجابي جداً، واعتبروه رداً بنّاء يوصل إلى اتفاق ويقترب كثيراً مما عرضه الوسطاء على الطرفين".
وأعلنت حماس الخميس أنها ردت على اقتراح هدنة مؤقتة مدتها 60 يوماً، يتخللها الإفراج بشكل تدريجي عن رهائن محتجزين في قطاع غزة، في مقابل إطلاق سراح مئات المعتقلين الفلسطينيين.
كما اقترحت تعديلات على بنود دخول المساعدات الإنسانية، وخرائط انسحاب الجيش الإسرائيلي وضمانات بشأن نهاية الحرب.
وتريد إسرائيل التي ترفض تقديم هذه الضمانات، تفكيك حماس وإخراجها من غزة والسيطرة على القطاع الذي تحكمه الحركة منذ العام 2007.
استمر القصف الإسرائيلي على القطاع الفلسطيني موقعاً 28 قتيلاً أمس الجمعة، ثمانية منهم على الأقل قتلوا أثناء انتظارهم الحصول على مساعدات في مناطق مختلفة، بحسب الدفاع المدني.
وشيع فلسطينيون في المدينة جثمان الصحفي آدم أبو هربيد في جنازة عبر الشوارع وهو ملفوف في كفن أبيض وعليه سترة زرقاء تحمل بوضوح كلمة "صحافة" باللغة الإنجليزية بعد أن قتل خلال الليل في هجوم إسرائيلي على مخيم للنازحين.
قد يهمك أيضا
أرسل تعليقك