بقلم : محمد أمين
بالمصادفة تذكرت الأستاذ مجدى مهنا مرتين هذا الأسبوع.. مرة وأنا أقرأ صفحة قديمة من الوفد، التى أعلنت إقالة مجدى مهنا، وسرحت بعيدًا لأتذكر كاتبًا رائعًا خسرته الوفد والصحافة المصرية فى لحظة عنف إدارية، اتخذها الدكتور نعمان جمعة فجأةً ليحرم الوفد من جيل عظيم كان يبشر بنقلة نوعية لصحيفة الوفد.. ومرة حين كان المهندس صلاح دياب يحكى ذكريات نشأة المصرى اليوم.. وقال: يموت الإنسان وتبقى سيرته.. وقال إن مجدى أعاد للصحافة هيبة المقال الصحفى، ضمن مسيرة طويلة لكتاب الرأى المشهورين، أمثال هيكل وبهاء الدين ومصطفى أمين وأنيس منصور وإحسان عبد القدوس!
انتهت رحلة مجدى مهنا مع عموده اليومى بالوفد مع معركة شركة ميدور، وقال فيه «ميدور لم يتكلم أحد».. وأضاف: «التساؤلات التى طرحتها عليهم.. هناك احتمالان: الأول أن يستمروا فى صمتهم وأنهم قرروا ألا يتكلموا، خشية أن يتورط أحدهم فى الكلام، فيورط الآخرين معه، وينكشف الغطاء عن البخار الفاسد من هذه الصفقة، وتتكشف معه الحقائق وتظهر أبعاد الصفقة وتفاصيلها، ومئات الملايين من الدولارات التى ذهبت إلى جيوب البعض.. أما الاحتمال الثانى فهو أن يصيبنى اليأس وأنسى الموضوع وأغلق ملف (ميدور)!».
يقول دياب إنه طلب دعم الدكتور نعمان جمعة فى القضية، فقال له: إنها القضية التى سوف تؤدى إلى التصفية الجسدية.. وبالفعل طار فيها مجدى مهنا.. وهنا فكر دياب فى تعويضه وفكر فى إصدار صحيفة، واشترى رخصة صحيفة الزمان، وأسند رئاسة تحريرها إلى مجدى مهنا الذى أصبح الكاتب الأول فيها، وكان القراء يقرأون الصحيفة من الصفحة الأخيرة كما كان يحدث فى الأخبار على عهد مصطفى أمين، والأهرام على عهد أنيس منصور وبهاء الدين!
كان «مهنا» ينتقد الوزراء ورؤساء الوزراء لا يخشى أحدًا ولا يهتم بغضب أحد، أو محاولات الانتقام من أحد.. حتى إنه فى مرضه الأخير عرض عليه صفوت الشريف أن يعالجه فى أى مستشفى، فشكره وقال سأعالج على حسابى.. عندى فلوس وليس عندى أولاد حتى أترك لهم ميراثًا، وهكذا كانت عزة نفسه واستقلاله وكرامته التى كانت تحكم كتاباته حتى النفس الأخير!
فتح مجدى الباب أمام الصحفيين الشباب وشجع الكثيرين على الدخول فى معارك مع الحكومة دون خوف أو وجل.. وترك إرثًا كبيرًا للأجيال القادمة، وإن كان لم يترك ثروة لأسرته، فقد عاش شريفًا ومات شريفًا، رحمه الله... وسيرته أطول من العمر!