بقلم : محمد أمين
اليوم أكتب عن عظيمة من عظيمات مصر.. وأول عالمة ذرة مصرية، وتلميذة الدكتور مصطفى مشرفة.. وأعنى بها سميرة موسى.. التى كانت تحلم بالعالمية وتقول سأجعل العلاج النووى يشبه العلاج بالأسبرين.. ولدت سميرة موسى فى الثالث من مارس ١٩١٧ بقرية سنبو الكبرى مركز زفتى بمحافظة الغربية بمصر، كان لوالدها مكانة اجتماعية مرموقة بين أبناء قريته، وكان منزله بمثابة مجلس يلتقى فيه أهالى القرية ليتناقشوا فى كافة الأمور السياسية والاجتماعية. تعلمت سميرة منذ الصغر القراءة والكتابة، وأتمت حفظ القرآن الكريم وكانت مولعة بقراءة الصحف وكانت تتمتع بذاكرة فوتوغرافية تؤهلها لحفظ الشىء بمجرد قراءته!.
انتقل والدها مع ابنته إلى القاهرة من أجل تعليمها واشترى ببعض أمواله فندقا بـحى الحسين حتى يستثمر أمواله فى القاهرة فكانت قصر الشوق الابتدائية ثم «مدرسة بنات الأشراف» الثانوية الخاصة، التى قامت على تأسيسها وإدارتها الناشطة السياسية والنسائية نبوية موسى.. والتحقت سميرة بمدرسة «نبوية موسى» الناشطة النسائية السياسية المعروفة!.
حصدت سميرة الجوائز الأولى فى جميع مراحل تعليمها، فقد كانت الأولى على شهادة التوجيهية عام ١٩٣٥، ولم يكن فوز الفتيات بهذا المركز مألوفا فى ذلك الوقت حيث لم يكن يسمح لهن بدخول امتحانات التوجيهية إلا من المنازل حتى تغير هذا القرار عام ١٩٢٥ بإنشاء مدرسة الأميرة فايزة، أول مدرسة ثانوية للبنات فى مصر
كان لتفوقها المستمر أثر كبير على مدرستها حيث كانت الحكومة تقدم معونة مالية للمدرسة التى يخرج منها الأول، دفع ذلك ناظرة المدرسة نبوية موسى إلى شراء معمل خاص حينما سمعت يومًا أن سميرة تنوى الانتقال إلى مدرسة حكومية يتوفر بها معمل. يذكر عن نبوغها أنها قامت بإعادة صياغة كتاب الجبر الحكومى فى السنة الأولى الثانوية، وطبعته على نفقة أبيها الخاصة، ووزعته بالمجان على زميلاتها عام ١٩٣٣،
اختارت سميرة موسى كلية العلوم بجامعة القاهرة، رغم أن مجموعها كان يؤهلها لدخول كلية الهندسة، حينما كانت أمنية أى فتاة فى ذلك الوقت هى الالتحاق بكلية الآداب وهناك لفتت نظر أستاذها الدكتور مصطفى مشرفة، أول مصرى يتولى عمادة كلية العلوم. تأثرت به تأثرا مباشرًا، ليس فقط من الناحية العلمية بل أيضا بالجوانب الاجتماعية فى شخصيته!.
حصلت سميرة موسى على بكالوريوس العلوم وكانت الأولى على دفعتها وعينت كمعيدة بكلية العلوم، وذلك بفضل جهود د. مصطفى مشرفة الذى دافع عن تعيينها بشدة وتجاهل احتجاجات الأساتذة الأجانب الإنجليز!.
حصلت على شهادة الماجستير فى موضوع التواصل الحرارى للغازات.. ولكن لم تدون الكتب العلمية العربية الأبحاث التى توصلت إليها د. سميرة موسى!.
كانت د. سميرة مولعة بالقراءة. وحرصت على تكوين مكتبة كبيرة متنوعة تم التبرع بها إلى المركز القومى للبحوث حيث الأدب والتاريخ، خاصة كتب السير الذاتية للشخصيات القيادية المتميزة. أجادت استخدام النوتة والموسيقى وفن العزف على العود، كما نمت موهبتها الأخرى فى فن التصوير بتخصيص جزء من بيتها للتحميض والطبع.. وكانت تحب التريكو والحياكة وتقوم بتصميم وحياكة ملابسها بنفسها!.