النظام الدولى فى انحدار

النظام الدولى فى انحدار

النظام الدولى فى انحدار

 العرب اليوم -

النظام الدولى فى انحدار

بقلم - جميل مطر

صرنا، كلنا أو أكثرنا، نحمل الرئيس دونالد ترامب مسئولية تدهور الأوضاع الدولية بل والإقليمية. ننسى أو لعلنا نتناسى أو لا نعرف بالقدر الكافى حقيقة أن هذا الرجل ليس أكثر من متغير بين عديد المتغيرات التى نتعرف بواسطتها على نوع النظام الدولى الذى نعيش فى كنفه، أو أننا ننسى أو نتناسى أنه رغم كونه رئيس الدولة التى هى القطب الأعظم فى هذا النظام ففى الحقيقة هو ليس أكثر من نتيجة لنظام دولى ينحدر متسببًا فى تحولات هائلة أعرض لبعضها فيما يلى:
أولًا: لم تعد هناك دولة عظمى تستحق هذه الصفة التى أسبغتها على نفسها أو أسبغتها عليها ظروف ما بعد الحرب العالمية الثانية. كثيرون يفضلون استثناء الولايات المتحدة الأمريكية من هذا التعميم باعتبار أنها حافظت على أسبقيتها وعلى مسافة معتبرة تفصلها عن غيرها وإن فشلت فى أن تحتفظ لأقرب حلفائها بمكانة الأقطاب وفشلت أيضا فى تلافى عوامل انحدارها هى نفسها. انحدرت جميع الدول العظمى وبانحدارها وصعود الصين زالت صفة النظام الدولى نظاما ثنائى القطبية، كما عهدناه منذ نهاية الحرب العالمية ولا كما عهدناه كنظام القطب الأحادى منذ انفراط الاتحاد السوفييتى.
كثيرون أيضًا يتفقون على أن الولايات المتحدة بدأت تفقد هيمنتها بحملتها سيئة السمعة والتدبير ضد العراق ويتفقون على أن العالم يعيش من ذلك الحين فى حال هى الأقرب إلى «نظام الفوضى». لم تحقق الصين بعد أمنيتها أن تصير، ويعترف بها، قطبا ثانيًا ولا حققت أوروبا الموحدة لنفسها أمنية مشابهة والسبب كما ندرك الآن يكمن فى شروط وظروف قبولها وضع التبعية للقطب الأكبر فى الحلف الغربى.
• • •
ثانيًا: تزامن انحدار النظام الدولى مع انحدار كفاءة الطبقة السياسية فى غالبية الدول الكبرى. شهدنا على امتداد العقود الماضية وبخاصة الأخيرة منها تراجعًا حادًا فى أداء القيادات الحزبية فى مختلف دول الغرب إلى حد دفع بها إلى التزام الأساليب الشعبوية فى الحكم، شهدنا فى الوقت نفسه تراجعا فى معظم مؤشرات الاقتصاد والاستقرار فى كثير منها ومن هذه المؤشرات الصعود المتتالى لقوة ونفوذ أحزاب اليمين المتشدد وعودة التطرف السياسى فى دول عديدة.
نلاحظ مثلًا عند التحليل والمتابعة أن الفوائد المترتبة على ديون بعض هذه الدول صارت تتجاوز مجمل إنفاقها على شئون ومستلزمات الدفاع فى وقت تعددت مؤشرات عدم الاطمئنان إلى قدرة دول أوروبا بخاصة ودول جنوب وشرق آسيا على الدفاع عن نفسها فى مواجهات صارت محتملة مع كل من الاتحاد الروسى والصين. تمتد هذه المؤشرات بشكل أو بآخر إلى الشرق الأوسط ليعود فى نظر المحللين السياسيين الغربيين الإقليم القابل للانفجار الشامل فى أى لحظة.
• • •
ثالثًا: عودة لاعبين «غير رسميين» للعب أدوار شديدة التأثير فى توازنات القوة وحال السلم الدولى. أشير تحديدًا إلى ثلاثة أنواع لا أكثر من هؤلاء اللاعبين، وهى من ناحية تكتلات التكنولوجيا المتقدمة، ومن ناحية أخرى جماعات وجمعيات المطورين العقاريين، ومن ناحية ثالثة المنظمات الصهيونية العالمية. يتراوح دور كل من هذه الأطراف بين قارة وأخرى وبين دولة كبرى منحدرة ودولة أخرى على طريق أشد انحدارًا. هنا تجدر الإشارة الى أن هذه الأطراف كادت تجتمع، أو هى بالفعل مجتمعة، فى الحالة الأمريكية الراهنة وبشكل أو آخر فى كل من المملكة المتحدة وألمانيا. كان هذا الدور الأكثر بروزًا وتهديدًا للسلم العالمى والإقليمى فى نشوب وتطور أهم أزمتين راهنتين، وهما أزمة أوكرانيا وبشكل خاص أزمة إسرائيل-فلسطين. نلاحظ أنه فى الأزمتين كان الانحدار كما تصورناه فى السطور السابقة مهيمنا ودافعًا ومحركًا. نلاحظ أيضًا وعلى بعد غير بعيد نذر أزمة ثالثة تتفاعل مكوناتها منذ شهور، وتهدد، لو انفجرت، أوضاعًا عديدة فى القارة الإفريقية وتؤثر حتمًا فى مسيرة مجموعة البريكس وربما الجنوب العالمى بأسره، إنها الأزمة المتوقعة فى دولة جنوب إفريقيا.
• • •
رابعًا: لاحظنا أيضًا أن الانحدار امتد ليتفاعل بقوة وفاعلية مع تطورات فى المنظمة الدولية الأعظم وأقصد هيئة الأمم المتحدة. أقول وبأسف إن مجلس الأمن صار محل انتقاد شديد من دول عديدة ومن منظمات وهيئات غير حكومية تهتم بحقوق الإنسان وقضايا السلم والحرب. بل ربما وصل الأمر به إلى حال الشلل والمس بسمعة دول صاعدة مثل الصين لا تقوى على تغيير مسيرته وتحسين صورته. امتد الانحدار كما نرى إلى مختلف المنظمات والكيانات الإقليمية أبرزها الاتحاد الأوروبى والاتحاد الإفريقى وجامعة الدول العربية ومنظمة الدول الأمريكية، كلها تعانى من سلبيات تركت لتتفاقم وتنتهى إما إلى شلل تام أو فى أحسن الحالات جمود فى شكل كمون.
• • •
قناعتى تؤيد القول السائد بأنه لولا انحدار أمريكا ما عاد دونالد ترامب رئيسًا لأمريكا وما استنفرت القوى المخربة فيها وفى العالم الخارجى. قناعتى تؤيد أيضًا الفهم السائد فى الشرق الأوسط بأنه لولا الانحدار السياسى فى فكر ومنظومات القيم وفى الأداء السياسى فى الإقليم ما كانت الحرب ضد فلسطين أو ما تبقى منها وما كانت الإبادة ضد من تبقى من الفلسطينيين وما كان الابتزاز المتواصل والمهين ضد السوريين واللبنانيين أو ضد سكان الجبهات السبعة التى يتفاخر نتنياهو بأنه يحارب فيها.

 

arabstoday

GMT 15:45 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

دوائر دوائر

GMT 15:44 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

تصدوا للتضليل

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

أهواءُ إسرائيلَ وأهوالها

GMT 15:43 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

وحدات وانفصالات ومراجعات في المشرق!

GMT 15:42 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

من «غلاف غزة» إلى «غلاف الإقليم»

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

مطلب التدخل الدولي بوقف الحرب

GMT 15:41 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العودة إلى نقطة الصفر!

GMT 15:40 2025 الأربعاء ,23 تموز / يوليو

العالم... وحقبة استعمارية للأراضي القطبية

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

النظام الدولى فى انحدار النظام الدولى فى انحدار



نانسي عجرم تكسر قواعد الموضة في "نانسي 11" بإطلالات جريئة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 06:39 2025 الخميس ,24 تموز / يوليو

مصرع 10 رجال إطفاء في احتواء حريق بتركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab