فاطمة لوتاه في غزة

فاطمة لوتاه في غزة

فاطمة لوتاه في غزة

 العرب اليوم -

فاطمة لوتاه في غزة

بقلم - إنعام كجه جي

 

أتفرج على صفحتها في موقع التواصل وأراها ترسم، كل يوم، عذابات أهل غزة. الأب الذي يحمل بيده طفلاً وعلى كتفيه اثنان آخران ويسحب باليد الثانية طفلاً رابعاً. الأم التي تقوس ظهرها فوق جثمان طفلها، ترفض أن يؤخذ منها، تريد أن تستعيده إلى رحمها. كل يوم لوحة مشغولة بإبداع، مرسومة بالأعصاب، تعيد تشكيل المأساة التي تبثها الوكالات وتنقلها من الفوتوغراف إلى مرتبة جمالية أبعد. أي سحر هذا الذي يستخرج من الموت فناً راقياً؟

لعل كل متابعي الفنانة الإماراتية فاطمة لوتاه على «فيسبوك» يفكرون بالسؤال. تتنقل الفنانة التشكيلية ما بين دبي وفيرونا وتمرّ بالقاهرة وتعرض أعمالها في أماكن أخرى. لكنها تعيش هذه الأيام روحياً في غزة. ترسم علم فلسطين يرفرف فوق غبار القصف. هل رأيتم رايات ترفرف في اللوحات بفضل التقنيات الحديثة؟ وفاطمة، إذا لم تجلس في مرسمها أمام مسند اللوحات وألوان الأكريليك، فإنها قادرة على اقتناص اللحظة الغزاوية من خلال لمسات سريعة على هاتفها. إن لهذا الجهاز الصغير استخدامات شتى لكن المدهش أن يكون قماشة رسم.

في واحد من منشوراتها نرى صورتها وهي تقرّب رأسها وتنظر في عينين غائمتين لشخص يطلُ من أحد أعمالها. تكاد الرسامة تدخل في اللوحة لتتحادث مع الساكنين فيها. تسألهم عن أحوالهم وتطمئن عليهم وتتآلف معهم. هي تحب الوحدة وهؤلاء هم أهلها. أكتب لها عبر «الماسنجر»، وترد أن ما نراه في هذه الأيام يجعلنا نتساءل: من هو الإنسان؟

تبعث لي تسجيلاً قصيراً لأنامل سمراء مدربة ترسم على الشاشة الصغيرة. هذا ما يفعله حفيدي أيضاً. وكنت أتصورها لعبة لتسلية الصغار. لكن الفنانة ذات الشهرة العالمية تقول إنها لوحات «ديجيتال» تسجل فيها تفاعلها مع الأحداث التي نمر بها. إن شاشة التليفون تسعفها في سفراتها الكثيرة ويمكن نشر الرسوم بسرعة. كبسة على الهاتف وتتلقف اللوحة آلاف الأعين.

نتابع فرشاتها الرشيقة الغاضبة المغمسة بألوان الدم والتراب ونتذكر ما قام به بيكاسو وهو يرسم لوحته الشهيرة «غيرنيكا». قصفت طائرات ألمانية وإيطالية، في ربيع 1937، بلدة غيرنيكا الإسبانية الصغيرة في إقليم الباسك وروّعت أهلها. ساوتها بالأرض. لكن اسمها صار معروفاً في العالم كله بفضل الفنان الإسباني الذي استلهم مأساتها في جدارية لا تقدر بثمن. ارتفاع اللوحة يزيد على ثلاثة أمتار وعرضها يزيد على سبعة. إنه الفن حين يقاوم الفناء. يذهب ملايين الزوار إلى متحف الملكة صوفيا في مدريد لكي يتأملوا لوحة بيكاسو.

ومساحة بلدة غيرنيكا أقل من تسعة كيلومترات. أعيد بناؤها ليقيم فيها اليوم سبعة عشر ألف نسمة. ومساحة الإقليم الفلسطيني ثلاثمائة وخمسة وستون كيلومتراً. وتعداد أهله يزيد على المليونين. فكم جدارية من نوع «غيرنيكا» نحتاج لكي نحفر اسم غزة في ضمير الإنسانية؟

ولدت فاطمة لوتاه في حي أم الشيف بدبي. درست الفن في بغداد ثم أكملت في واشنطن. أقامت معارض مع تشكيليين كبار، وأسست قاعة للعرض في بلدها الأم. انتقلت، أوائل ثمانينات القرن الماضي، لتقيم في إيطاليا. اختارت فيرونا لأنها مدينة جميلة وصغيرة وهي تحب الصمت. تتذكر تلك السنة الوحيدة، 1973، التي أمضتها في أكاديمية الفنون في بغداد. لم يكن الفنان الرائد فائق حسن من أساتذتها لكنها كانت تذهب إلى القاعة لتحضر حصصه. تقول إن وجوده كان فناً.

رسم بيكاسو «غيرنيكا» لتكون صرخة ضد الحروب. الإنسان لا يتعلم الدرس.

arabstoday

GMT 20:40 2024 الأحد ,06 تشرين الأول / أكتوبر

عندما يعلو صوت الإبداع تخفت أصوات «الحناجرة»

GMT 06:23 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

المبحرون

GMT 06:20 2024 الأربعاء ,10 تموز / يوليو

قرارات أميركا العسكرية يأخذها مدنيون!

GMT 06:17 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

تسالي الكلام ومكسّرات الحكي

GMT 06:14 2024 الخميس ,04 تموز / يوليو

كيف ينجح مؤتمر القاهرة السوداني؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

فاطمة لوتاه في غزة فاطمة لوتاه في غزة



النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

أبوظبي - العرب اليوم

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت
 العرب اليوم - تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 12:36 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا
 العرب اليوم - إيلون ماسك يطلق موسوعة غروكيبيديا المنافسة لويكيبيديا

GMT 06:50 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

إغلاق مؤقت لمطار أليكانتي في إسبانيا بعد رصد طائرة مسيرة

GMT 05:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مطار كراسنودار يطلق رحلات مباشرة إلى مصر

GMT 02:15 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

ميسي يراوغ مجددًا بشأن مشاركته مع الأرجنتين في كأس العالم 2026

GMT 07:12 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

علاء مبارك يتحدث عن "أدق وصف" للوضع في غزة

GMT 10:31 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

النجمات العربيات يجسّدن القوة والأنوثة في أبهى صورها

GMT 06:04 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

القضاء الفرنسي يلاحق المتنمرين ضد زوجة ماكرون

GMT 11:42 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تصميمات رخامية تُعيد إحياء الحمّامات الرومانية في قلب بيروت

GMT 06:02 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

مقتل شقيقين في غارة إسرائيلية جنوبي لبنان

GMT 01:35 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

زلزال بقوة 6.1 يضرب ولاية باليكسير شمال غربي تركيا

GMT 05:36 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

تحذير عاجل لمستخدمي Gmail بعد سرقة 183 مليون كلمة مرور

GMT 07:07 2025 الإثنين ,27 تشرين الأول / أكتوبر

التحقيق مع فضل شاكر مستمر واسقاط بعض التهم

GMT 11:25 2025 الثلاثاء ,28 تشرين الأول / أكتوبر

الطاولات في حفلات الزفاف لمسات بسيطة تصنع فخامة المشهد
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2025 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
Pearl Bldg.4th floor 4931 Pierre Gemayel Chorniche, Achrafieh Beirut - Lebanon
arabs, Arab, Arab