بقلم : سليمان جودة
على مدى أيام السباق الرئاسى الأمريكى فى السنة الماضية، كان الرئيس ترمب لا يتوقف عن السخرية من بايدن، وكان يسميه: بايدن النعسان!.
وعندما جرى الإعلان مؤخرًا عن مرض الرئيس السابق تعاطف معه ترمب للمرة الأولى، وانقلب ساكن البيت الأبيض السابق من بايدن النعسان إلى بايدن المريض الذى يواجه المرض الخبيث، فلما قيل إنه يعانى نوعًا شرسًا من المرض الذى وصل إلى عظامه، ازداد تعاطف ترامب معه وقال إنه وزوجته يتعاطفان ويتمنيان الشفاء.
وعندما يمرض الرئيس السابق لأقوى دولة بمرض صعب وهو فى هذه السن المتقدمة، فلا بد أنه سيحظى بتعاطف الأمريكيين وغير الأمريكيين، إلا العرب، وإلا الفلسطينيين بين العرب، الذين سيجدون حاجزًا يصدهم عن إبداء التعاطف.
لست بالطبع مع الذين سوف يسارعون إلى القول بأن مرضه عقاب إلهى، أو أن السماء تعاقبه على موقفه المتخاذل تجاه الأطفال والنساء والمدنيين عمومًا فى قطاع غزة.. لست مع ذلك لأنى لا أرتاح لاستدعاء الدين إلى كل تفصيلة من تفاصيل الحياة، ولأن الاستدعاء من هذا النوع ينقلب إلى إقحام للدين، لا مجرد استدعاء له إلى ما يجب ألا يكون طرفًا فيه.. ولكن هذا لا ينفى أن كثيرين فى المنطقة وفى خارجها سوف يجدون صعوبة كبيرة فى التعاطف مع الرئيس الأمريكى المريض.
فلقد أمضت إسرائيل 15 شهرًا كاملة تقتل الناس فى القطاع، وتنسف بيوتهم، بينما بايدن فى البيت الأبيض لا يحرك ساكنًا، بل ويبادر إلى إرسال السلاح الذى لولاه ما كان فى مقدور جيش الاحتلال الإسرائيلى أن يصل بضحاياه إلى 53 ألف فلسطينى، فضلًا عن أعداد مُضاعفة من الجرحى، والمصابين، والمشردين فى كل ركن من أركان غزة.
كان فى إمكانه أن يمنع المأساة الغزاوية من التمدد إلى ما تمددت إليه، وكان فى إمكانه أن يُلوح بما لوّح به ترامب، فأرغم حكومة التطرف فى تل أبيب على السماح بإدخال المساعدات إلى الذين إذا لم يموتوا بالرصاص ماتوا من الحصار والتجويع.. كان هذا فى إمكان بايدن، لولا أنه خذل كل معنى إنسانى فى أرض فلسطين.
تحاول أن تتعاطف مع رجل كان هذا سلوكه مع الفلسطينيين العُزل فلا تستطيع، وتحاول أن تتطلع إليه بعين العطف وهو فى محنته فلا تطاوعك نفسك.. ليس هذا تشفيًا فى الرئيس السابق المريض بالتأكيد، ولا ابتهاجًا بمرضه.. لا.. ولكن إذا كان الموضوع موضوع فلسطين، فسوف يظل بايدن المتخاذل يتقدم على بايدن المريض.