بقلم: سليمان جودة
لم يشأ البيت الأبيض أن يُخفى نبأ مرض ترامب فأعلنه، ولكنه خفف من الأمر فقال إن ما أصاب الرئيس يصيب الذين تجاوزوا السبعين فى العادة.
وليس معروفاً إلى الآن ما إذا كان مرضه سوف يؤثر على قدرته على ممارسة مهام منصبه أم لا؟ فهذا ما سوف تقوله حالته فيما بعد، ولكن السؤال هو عمن سيخلفه فى البيت الأبيض إذا ثبت أن المرض المزمن المعلن عنه سوف يمنعه من القدرة على العمل؟
والدستور الأمريكى واضح فى هذه المسألة، لأنه ينص على أن يتولى نائب الرئيس موقع المسؤولية إذا أصاب الرئيس عارض يمنعه من ممارسة مهام عمله. فهذا ما حدث عند اغتيال جون كينيدى فى ١٩٦٣، فجاء نائبه ليندون جونسون فى مكانه، وعندما استقال ريتشارد نيكسون فى ١٩٧٤ جاء نائبه جيرالد فورد فى مكانه. يأتى النائب ليحل مكان الرئيس ويكمل فترته الرئاسية إلى آخرها بغير انتخاب، لأن الناخب انتخب الرئيس ونائبه معاً فى بطاقة انتخابية واحدة.
ومنذ فترة، كان ترامب قد أشار إلى اثنين من أعضاء إدارته على اعتبار أنهما يصلحان لخلافته، وكان الإثنان هما: جى دى فانس، نائب الرئيس، وماركو روبيو، وزير الخارجية. ولكن ترامب كان يقصد أن كليهما يمكن أن يخوض السباق الرئاسى المقبل فى ٢٠٢٨ وينجح، ولم يكن بالتأكيد يقصد أن ذلك يمكن أن يحدث فى أثناء رئاسته بسبب عارض يصيبه، فخلافته فى هذه الحالة مقصورة على نائب الرئيس دون سواه.
وقد جاء وقتٌ فى أيام السباق الرئاسى إلى البيت الأبيض فى السنة الماضية، كان ترامب يتندر فيه على بايدن بسبب مرضه الذى أخرجه فى النهاية من السباق، ولم يكن المرشح ترامب وقتها يدرى أنه يمكن أن يمر بالتجربة نفسها، وأن يفاجئه المرض على نحو ما حصل بإعلان إصابته بمرض وريدى مزمن فى الساقين وكدمات على ظهر اليد.
والمشكلة أن النائب دى فانس لا يختلف عنه فى شىء، فكلاهما يؤمن بالأفكار نفسها تجاه العالم بالذات، ولا نزال نذكر كيف أن فانس لما زار أوروبا فى مؤتمر ميونيخ للأمن عاد وقد أغضب الأوروبيين جميعًا بسبب أفكاره السياسية المتطرفة.
ولا اختلاف بينهما سوى أن فانس ليس مطورًا عقاريًا مثل ترامب، ولا هو مشتغل بالأعمال مثله، ولكن المؤكد أن العالم المأزوم الذى نعيشه سيكون أفضل بغير ترامب. فمن قبله كان الكوكب أهدأ قليلًا، ومجيئه كان وبالًا على كل قضية عادلة فى العالم.