بقلم : فاروق جويدة
كان النحاس باشا زعيم حزب الوفد ورئيس وزراء مصر مسافرًا إلى الإسكندرية في القطار عندما اقتحم شاب القطار وصفع رئيس الوزراء على وجهه، واندفع رجال الشرطة وألقوا القبض على الشاب، ولكن النحاس باشا رفض القبض عليه وأخذه ومضى به إلى قسم الشرطة وحرر محضرًا ضده، وعاد إلى القطار الذي تأخر ميعاده، وكان الرجل يعطي درسًا في احترام القانون.
حكى لي الأستاذ هيكل قصة عن النحاس باشا قال: نزلت من مبنى الأهرام القديم إلى المبنى المقابل في ميعاد مع طبيب الأسنان، وفوجئت بالنحاس باشا ينزل من سيارته وصافحني ووقفنا أمام محل للفواكه، واندفع صاحب المحل وصافح بحرارة النحاس باشا وهو يهتف: أهلاً يا باشا فين أيامكم أيام العز والكرامة! وظل الرجل يدور حول النحاس باشا: فين أيامكم؟ ورد الباشا على صاحب المحل: استنى اللي جاي أسوأ. وصافحت الباشا وصوته يتردد: اللي جاي أسوأ.
مات النحاس باشا في عام 1965 وخرجت مصر كلها تودعه في مشهد مهيب. مواقف الرجال لا تُنسى.
رفض النحاس باشا أن يعاقب شابًا اعتدى عليه وأخذه بنفسه إلى قسم الشرطة وحرر له محضرًا احترامًا للقانون، ولهذا ودعته الملايين رغم أنه كان بلا منصب أو سلطان، ولهذا عاش في ضمير الناس .. كان النحاس باشا عاشقًا للفن، وكان صديقًا لعبد الوهاب، وثارت الدنيا حين منح الشاعر علي محمود طه درجة وظيفية أعلى. كانت أزمة النحاس باشا أن سعد زغلول زعيم الأمة ورئيس الوفد يلقي بظلاله دائمًا على صورة النحاس باشا، حتى بعد أن مات.. كانت زعامات حقيقية..