لم أَعْرِف زياد الرحبانى طوال مشواره، وإن تابعتُ بحُب ألحانه ومسرحياته، وكنت أجد لديه الجديد دائمًا.
وبعد رحيله منذ أيام، فوجئتُ بقطعة موسيقية بديعة من أعماله عن إحدى قصائدى على فيديو جميل، والقصيدة عنوانها «بقايا أمنية»، وأطلق عليها زياد فى لحنه «آثار على الرمال»، وهى من بداياتى. فى لحن بديع، يتدفّق فى مشاعر شجنٍ وحب، كانت الكلمات تُعانق موسيقى زياد، وأنا لا أعرف، فلم أسمعها من قبل، حتى زارتنى بعد رحيله فى فيديو ينساب جمالًا وإحساسًا.
ما زَالَ فِى قَلْبِى بَقَايَا .. أُمْنِيَة
أَنْ نَلْتَقِى يَوْمًا وَيَجْمَعَنَا .. الرَّبِيع
أَنْ تَجْمَعَ الْأَقْدَارُ يَوْمًا شَمْلَنَا
فَأَنَا بِبُعْدِكِ أَخْتَنِق
لَمْ يَبْقَ فِى عُمْرِى سِوَى
أَشْبَاحِ ذِكْرَى تَحْتَرِق
أَيَّامِى الْحَيْرَى تَذُوبُ مَعَ اللَّيَالِى الْمُسْرِعَة
وَتَضِيعُ أَحْلَامِى عَلَى دَرْبِ السِّنِينَ الضَّائِعَة
بِالرَّغْمِ مِنْ هَذَا أُحِبُّكِ مِثْلَمَا كُنَّا .. وَأَكْثَر
مَا زَالَ فِى قَلْبِى .... بَقَايَا أُمْنِيَة
أن يجمع الأحباب دربٌ تاه منا من سنين
الْقَلْبُ يَا دُنْيَايَ كَمْ يَشْقَى
وَكَمْ يَشْقَى الْحَنِين
يَا دَرْبَنَا الْخَالِى لَعَلَّكَ تَذْكُرُ الْأَشْوَاقَ
فِى ضَوْءِ الْقَمَر
قَدْ جَفَّتِ الْأَزْهَارُ فِيكَ وَتَبَعْثَرَتْ
عُصْفُورُنَا الْحَيْرَانُ مَاتَ .. مِنَ السَّهَر
قَدْ ضَاقَ بِالْأَحْزَانِ بَعْدَكِ .. فَانْتَحَر
بِالرَّغْمِ مِنْ هَذَا
أُحِبُّكِ مِثْلَمَا كُنَّا .. وَأَكْثَر
فِى كُلِّ يَوْمٍ تَكْبُرُ الْأَشْوَاقُ فِى أَعْمَاقِنَا
فِى كُلِّ يَوْمٍ نَنْسُجُ الْأَحْلَامَ مِنْ أَحْزَانِنَا
يَوْمًا سَتَجْمَعُنَا اللَّيَالِى مِثْلَمَا كُنَّا ..
وَنَعُودُ نَذْكُرُ أَمْسِيَاتٍ مَاضِيَة
وَأَقُولُ فِى عَيْنَيْكِ أَعْذَبَ أُغْنِيَة
قَطَعَ الزَّمَانُ رَنِينَهَا فَتَوَقَّفَتْ
وَغَدَتْ .. بَقَايَا أُمْنِيَة
كان زياد الرحبانى يحمل عبق لبنان: الفن والجمال والأصالة، لأن لبنان شعب خُلِق فنانًا، كل شيء فى لبنان يُغنى للجمال، وأجمل ما ترك زياد الرحباني: قصة عشق لكل شيء أحبّه فى لبنان.
كان زياد الرحبانى مُبدعًا كبيرًا، منح لبنان الجمال والمتعة، وسوف يبقى فى ضمير عشاق الفن فى كل زمان.
كانت القصيدة فى بداياتى، وربما كان اللحن فى بدايات زياد، ووجدتها تتجاوز حدود الزمن وتحضتنها مواقع النت فى وداعه.