بقلم : فاروق جويدة
لا أحب كلمة الفراق، لأنه قد يكون بلا عودة، ولكن الوداع يمكن أن يعيد جسور المودة والتواصل .. الفراق من أقسى مشاعر الجفاء، وهو أقرب للجحود، والوداع أنبل كثيرًا من الفراق .. إن الفراق يشبه النزيف، والوداع جرح يمكن أن يطيب.. الفراق إحساس غليظ يدمى القلب ولا علاج له، وهو نوع من أنواع القطيعة، ويترك مشاعر من الفقد والوحشة، إنه الموت، فلا عودة بعد الموت.. أما الوداع فيمكن أن يعيد الجسور بعتاب أو حنين أو كلمة، والحنين أقرب أبواب الذكري، وما أقرب الوداع والحنين والذكري، ولا مكان للفراق بينهم، فهناك فرص كثيرة للعودة بعد الوداع، لأن الذكرى يمكن أن تعيد النبض، والحنين يمكن أن يعيد المودة. ولكن الفراق إحساس عاجز فقد كل شيء، فإذا كان الحبيب قد فارق، فلا أمل فى العودة ولا رجاء فى التواصل، أما إذا كان الوداع قدرًا فرضته الظروف، فكل شيء قد يتغير، وتعود المياه إلى مجاريها.
لا تحاول أن تستعيد حبيبًا فارق، فلا أمل فى العودة، وإذا زارتك أطياف الحنين وهلت مواكب الذكري، فقد يصبح الوداع لحظة عبرت، وتعود الطيور إلى بيتها.
لا أحب الفراق لأنه جرح أبدى ولا عودة بعده، والوداع يمكن أن يفتح بابًا للحنين والذكري.. وللأسف فإن الحب كثيرًا ما يسقط ضحية الفراق، ويعانى كثيرًا من الألم، وهو يحيا ساعات الوداع.
والشيء الغريب أن الفراق قد يسكن بيوتًا لم تفارق أصحابها، والغربة أسوأ أنواع الفراق، وقد تكون فى البيت أو الوطن أو العمل أو بين الناس. وقد تودع إنسانًا تعيش معه فى مكان واحد، ولم يعد يتسع لكما، وهنا يمكن أن يجتمع الفراق مع الوداع مع الغربة، وهى النهاية