بقلم : فاروق جويدة
لا توجد ثقافة عربية من غير مصر، ولا فنون عربية قبل مصر، وكل الروافد التى تدفقت فى مياه النيل أصبحت مصرية إحساسًا وتاريخًا وإبداعًا. كل مسيرة فنية عبرت من القاهرة، ومن يروّج أو يدّع غير ذلك يغالط الحقيقة.
< وطن بلا تاريخ إنسان بلا ذاكرة، وحياة الإنسان تراكمات من العطاء والخبرة والمشاركة، وتاريخ الأوطان إنجاز تراكمى ينبغى ألا ينفصل بعضه عن بعض. وهناك شعوب كثيرة بلا تاريخ وتحاول أن تصنع تاريخًا حتى لو سطت على تاريخ الآخرين، وأكبر الخطايا ألا تقدّر الشعوب ماضيها وتتنكر له أو تكون أدوات فى أيدى من لا تاريخ لهم.
< أحب أن أسمع أم كلثوم، لأن غناء مطربى المهرجانات لا يُطربني. وأحب أن أسمع شموخ الإبداع فى «أطلال» السنباطي، وأحب النيل فى «النهر الخالد» لعبد الوهاب. وأحب بليغ والموجى والطويل، وما زالت صورة عبد الحليم لا تفارقنى منذ التقينا فى السبعينيات. وما زلت أستمتع بأفلام فاتن، وسعاد حسني، وأحمد زكي، ويوسف وهبي، وزكى رستم، وعبد الله غيث، وسميحة أيوب، وشادية. الأعمار لا تنقسم، وإلا صارت شظايا تبحث عن ملاذ.
< كان يوسف إدريس كاتبًا مبدعًا، وكان نجيب محفوظ ملك الرواية العربية، وكان السنباطى لحنًا خالدًا، وكان شوقى أمير الشعر العربي، وكان طه حسين مصلحًا عظيمًا، وكان العقاد كاتبًا فذًّا. وكانت مصر الثقافة أعظم وأغنى وأغلى ثروات مصر، ومن ير غير ذلك فعليه أن يعيد قراءة التاريخ..
< اختلف البعض حول مقالاتى يوم الجمعة عن رموز الإبداع المصرى فى عصره الذهبي، ولست نادمًا أن أحلق فى سماء الإبداع المصري، لكى تعرف أجيالنا الجديدة أنهم يحملون أسماء آباء عظام.
< أصعب الأشياء أن تتكلم ولا يسمعك أحد، أو يُساء فهمك، أو يصبح الحوار ضيفًا ثقيلًا، وتُمتَهَن الحقيقة. ليت كل إنسان يفتى فيما يفهم فيه.
< أكبر الخطايا ألا تقدر الأرض التى نبتًّ على ترابها، والتاريخ الذى عشته، والرموز التى سرت على هُداها، والأب الذى حملت اسمه، والكلمة التى وهبتها عمرك وحياتك ولم تخذلك يومًا..