بقلم : فاروق جويدة
لابد أن نعترف بأن جانبًا كبيرًا من المعركة التى تدور الآن بين إسرائيل وأمريكا من جانب، والشعوب العربية من جانب آخر، هو صراع حضارى.. استُخدمت فيه أحدث وسائل الدمار فى التكنولوجيا الحديثة من الطائرات والصواريخ.
وعلى جانب آخر، فإن حرب المعلومات كانت إنجازًا كبيرًا لمصلحة إسرائيل ، وكان اغتيال حسن نصرالله، وإسماعيل هنية، ويحيى السنوار، ومحمد الضيف، كلها عمليات مخابراتية ناجحة..
وقد نجحت إسرائيل فى تجنيد أعداد من العملاء فى النخب العربية، والأخطر من ذلك أنها استقطبت بعض رجال الدين الصهاينة ومنحتهم الجنسية الإسرائيلية، بل إنها نشرت الفتن فى صفوف الفلسطينيين ما بين السلطة وحماس، وجنّدت فريقًا فلسطينيًا حمل السلاح ضد المقاومة.
إن هذه الأعمال كانت حروبًا من نوع جديد، ويكفى ما حدث من انفجارات بين رموز حزب الله فى لبنان وتصفيتهم بالتكنولوجيا الحديثة..
إن إسرائيل، بدعم أمريكى، أدخلت للحرب فى غزة عناصر قوة جديدة مع قدرات معلوماتية حديثة وخبرات متقدمة، ولا شك فى أن نجاح إسرائيل فى اختراق العقل العربى يمثل تحولًا خطيرًا، فلم تعد القدرات العسكرية عامل القوة الوحيد، ولكن المعلومات، وأساليب التجنيد، واستخدام وسائل التجسس والمراقبة الحديثة كلها قدرات جديدة غيرت الحسابات فى المعارك.
وعلى العالم العربى أن يدرس نتائج وأساليب حرب غزة حتى تكون دروسًا مستفادة، خاصة أن الغرب فتح ترسانات جيوشه أمام إسرائيل، وسوف يقدم المزيد..
كثير من العقلاء حذروا من سنوات أن الحروب سوف تأخذ أشكالًا أكثر وحشية، وأن التقدم العلمى سوف يُدمّر الجوانب الإنسانية فى حياة البشر.
وهذا ما حدث أخيرًا فى استعراض جوانب القوة الغاشمة التى استباحت ما كان يُسمى حقوق الإنسان والحريات.