بقلم:فاروق جويدة
خلق الله سبحانه وتعالى الكون على الاختلاف والتنوع، ولو شاء لجعل الكون نسخة واحدة فى كل شيء: فى الفكر، والملامح، والحديث، ولكنه جعل التعددية من خصائص البشر، فلكل شعب لغته، وعقيدته، وأفكاره. ومن الخطأ أن يتصور البعض أنه قادر على تغيير الأشياء بإرادة بشرية.
ولنا أن نتصور البشر نسخة واحدة، لنا أن نتخيل تراجع نسب الذكاء بحيث يتساوى الناس فى درجة الغباء، والعداء، والشر.
لنا أن نتصور لو أن الحياة تحولت إلى غابة يسكنها المتوحشون من البشر، نتخيل أن يكون القتل وسامًا، والظلم تاجًا، والغباء سلوكًا، والتخلف فكرًا، وأن تسود العالم حشود الشر والطغيان.
إن الله خلق الإنسان جميلاً، راقيًا، مترفعًا، ذكيًا، قادرًا، ولم يخلقه قطيعًا بلا فكر أو موقف.. وأصعب الأشياء أن تعيش زمانًا لا يقدّرك، وترى بشرًا لا يحبّون المواهب، وتطفو على السطح أشياء غريبة تتصور أنها صاحبة الحق فى كل شيء. فى أحيان كثيرة، أُشفق على شيء اسمه التميز وسط صخب من التفاهة والجهل وغياب الرؤية.
أشعر بالحزن حين تبدو الأشياء بلا معنى، وتبدو القيمة غريبة، ويصبح النفاق سلطانًا يحكم كل شيء.
قد تواجه فى حياتك الأزمات والمحن وتتحمّل، إلا أنك ترفض منطق القطيع، وتدفع الثمن أمام عالمٍ يريده البعض نسخة واحدة، ولو كانت قبيحة، ويريده لغة واحدة، حتى لو كانت شاذة وغريبة، وتصبح الحقيقة ضيفًا منبوذًا أمام عالم من الأكاذيب والتضليل.
حين يصبح خلاف الرأى جريمة، وحين يصبح الحق ضلالاً، ويصبح دعاة الجمال ضحايا القبح، وحين يفقد الإنسان قدرته فى أن يفرّق بين العدل والاحتيال، يحتاج الإنسان إلى وقفة: أعيدوا للقيمة مكانتها.